يعد التطور الهائل الذي شهده العالم في أواخر القرن المنصرم في مجال تكنولوجيا المعلومات والتطور الهائل الذي شهده في شتى المجالات، من وسائل اتصال، إلى سرعة تداول المعلومات وتبادلها بين مختلف أنحاء العالم أصبحت التساؤلات تدور حول ما صاحبها من جوانب قد تكون ذات آثار سلبية على الإنسان، الذي هو محور كل عملية تقدم ورخاء.
وقد حظي موضوع العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا «الآلة» بالاهتمام منذ بدايات القرن العشرين، وذلك لتأثيراتها الواضحة في حياة الإنسان، ودخلت في الحياة من دون سابق إنذار، لها لسيطرتها على كل ما يدور في فلك الأرض، وقد عني بدراستها الكل «كل فرد يعي ذلك»، خاصة من قبل المخترعين والبشر عمومًا، الذين طالما شغل تفكيرهم ما سيجلبه التطور التكنولوجي من أثر في حياة البشر.
الأعوام الخمسون المنصرمة كنا نعتبر التكنولوجيا مجرد عامل تأثير خارجي! وقد استعملناها جميعًا كسيارات وطائرات وحواسب وهواتف نقالة، لكن ثمة تحول كبير، وجدير بالملاحظة ما حدث في الأعوام الثلاثة الأخيرة، مما أشرنا إليه مما أرسلته التكنولوجيا وآثارها مما قد يكون ذا جوانب سلبية. ولا بد لنا من الاعتراف ببعض الجوانب السيئة على الإنسان، والتي رافقت هذا التطور التكنولوجي؛ فمثلًا تم الاستغناء عن العنصر البشري مقابل الآلة الصماء، واختفت بعض من المهن كما قال بعض الظرفاء لم يعد ساعي البريد يطرق بابي.
وكذلك فإن انزواء الإنسان أمام شاشة جهازه بحثًا وكتابة وتمحيصًا قد أثر في تواصله الاجتماعي وأنماطه الغذائية؛ فهو لم يعد يلتقي الأصحاب في نزهات طويلة أو جلسات حميمة إلا نادرًا، ويكتسب المزيد في وزنه نتيجة مزيد من الأغذية السريعة لضيق وقته.
قد لا أكون مغاليًا إذا قلت إن الإنسان قد خسر كثيرًا من إنسانيته وحريته في عصر التقانة «التكنولوجيا»، وهذا لا ينكر حقيقة الفوائد الجمة التي جناها من التطور، ولكن لعل هذه المساوئ التي ذكرت تكون بعضًا من ضريبة التطور أو الفرصة البديلة الباهظة الثمن.
وأختم بكلام الأديب الفرنسي «أنطوان دي سانت إكسبيري» حيث كتب أصدق العبارات حول التكنولوجيا في روايته «أرض البشر» حيث يقول فيها:
«إذا تصوّرنا أن الآلة تفسد الإنسان؛ فلأننا لا نملك الوقت الكافي للحكم على التغيرات السريعة التي حدثت لنا. ماذا تعني المائة سنة من تاريخ الآلة بالمقارنة مع ألفي سنة من تاريخ الإنسان؟ لا نكاد نستقر على منظر المتفجرات والمراكز الكهربائية. لا نكاد نسكن في هذا البيت الجديد الذي لم ننته من بنائه بعد. تتغير الأشياء بسرعة حولنا: العلاقات الإنسانية، ظروف العمل، العادات.
اهتزّت سيكولوجيتنا هي الأخرى في أسسها الأكثر حميمية. لا تحتـوي مفاهـيم الفراق والغـياب والمسافة والعودة على الوقائع السابقة نفسها، حتى وإن لم تتغير الكلمات. نستخدم لغة صقلها عالم الأمس لنمسك بواقع عالم اليوم. يبدو لنا أن حياة الماضي تستجيب أفضل لطبيعتنا؛ لكونها تستجيب أفضل للغتنا. كلّما حدث تطور علمي جديد إلا ويبعدنا قليلًا عن العادات التي لم نكتسبها إلا منذ فترة قصيرة فقط. لسنا إلا مـهـاجريـن لم نؤسس وطننا الحقيقي».
The post التكنولوجيا.. والإنسـان الجديد appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست