يبدأ السلوك الإرهابي للفرد أو المجموعة بفكرة تكفير الآخرين، وبعدها لومهم على كفرهم، وبعدها تغذيه فكرة ضررهم على الدين والمجتمع؛ فيأتي الحل الأمثل، وهو محاربتهم أتباع النهج الإرهابي.
فما أن تمكنا من تغيير رؤية الآخرين، أي التابعين لديانات أخرى، أو غير التابعين لأي دين بأنهم ليسوا بكافرين سنبدأ بتفكيك هذا النهج، وهنا أفضل أن أتدبر قول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة البقرة:
وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(113)
في الآيه الأولى شرح موقف أصحاب الرسالات السماوية ومنظورهم لدخول الجنة، فهم يدعون أن لا أحد سواهم سيدخل الجنة، لكن يرد الله عليهم بطلبه الواضح لدليل منهم إن كانو صادقين.. وكأنه توبيخ من الله – عز وجل – لهم، فهم يشترطون على الناس اتباع طريقهم؛ لأنه هو الطريق الوحيد للجنة، لكن الله له رأي آخر، رأي أكثر شمولية، وأكثر اتساعًا، واكثر رحمة، وأكثر إدراكًا لمعرفه اختلاف البشر، واختلاف فكرهم، فيوضح في الآية التي تليها شروطه التي يقبل بها البشر أجمعون، ويجعلهم في منطقة الأمن التي لا خوف فيها ولا حزن.
الشرط الأول : هو (من أسلم وجهه لله)
تأتي كلمة أسلم في المعجم، أي أتباع الدين الإسلامي، وتأتي أيضًا بمعنى الاتجاه إلى الله والانقياد إليه، دون مقاومة من الشخص، وهو تعريف مفهوم التوحيد.. توحيد الربوبية، أي الإيمان بأن خالق كل شيء هو الله لا شيء سواه.
الشرط الثاني: (وهو محسن)
أي من عمل الخير وعمل الصالحات بشكل عام، فمن يفعل تلك الشروط .. (لا خوف عليهم ولاهم يحزنون) هكذا بكل بساطة دون تعقيد.
تأتي السوره الثالثه تناقش الخلاف بين أصحاب الرسالات السماوية، ففي الأولى كانت تناقش اختلافهم مع باقي الناس، لكن في هذه الآيه تناقش الاختلاف الكائن بين بعضهم البعض، وهي تنقسم في نظري لعدة أجزاء:
الأول: وقالت اليهود ليست النصارى على شيء. وقالت النصارى ليست اليهود على شيء.
في هذا الجزء يوضح الله تعالى اتهاماتهم التي يلقون بها على بعضهم البعض والتي يشككون فيها على صحه اتباعهم لنهج سماوي.
الجزء الثاني (.. وهم يتلون الكتاب..)
كان بإمكان الله تعالى عدم إضافه هذا الجزء، لكن وجوده يعني الكثير؛ فيوضح الله تعالى اجتهادهم في نهجهم، وفي قراءه كتبه السماوية، سواء الإنجيل أو التوارة، ولم يضع الله تعالى كلمة: وهم يتدبرون الكتاب، بل قال: يتلون .. فهناك فرق بين التلاوة والتدبير والتمعن والمعرفه الصادقة لكتب الله تعالى، ووجود هذه الجملة في الآية جعلني أستشعر بتعجب، وهذا لوجود الجزء الذي يليه.
الجزء الثالث (.. كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ..)
بالرغم من أنهم في الجزء السابق كانو يتلون الكتاب، قال الله لمن يفعل مثلهم في تشكيك اتباع الآخرين لله بالذين ( لا يعلمون) وفي هذا توكيد بأن معرفه الله أكبر من مجرد التلاوة فقط، فالتدبر أفضل بكثير كما أمرنا في عدة مواضع في القرآن الكريم.
_الشمولية التي أتى بها هذا الجزء، فالله تعالى لم يحدد نوعًا معينًا من البشر، بل قال من يفعل مثلهم في شمول تام دون أي تخصيص أدرج لهم صفة (لا يعلمون) سواء معناه جهل أو نقص في المعرفة، فكل من ادعى مثلهم هذا الادعاء، فهو يندرج تحت مصطلح (لا يعلمون) كما ذكر.
الجزء الأخير
(…فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)
وهنا يجعل الله نفسه هو الحكم الوحيد والفاصل بين كل الخلافات التي بين أصحاب الرسالات السماوية، وليست هذه المسأله فقط، ولم يجعل أي شخص له حق الحكم أو الفصل بيننا، وحدد توقيت الحكم في يوم القيامة، وليس في أي أوان آخر.
وهذا التدبر أيضًا يدعمه تدبر سورة العصر في قول الله تعالى: والعصر(1) إن الإنسان لفي خسر(2) إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصو بالصبر(3).
الآية الأولى قسم. الآيه الثانية استخدم الله كلمه (الإنسان)، وفي هذه الكلمة شمول وعمومية لكل بني آدم، دون أي تخصيص؛ فيقسم الله تعالى أن كل الناس في خسر، وفي ندم، إلا من آمن به، والإيمان محله القلب، وعمل صالح، كما هي الشروط السابق ذكرها والتواصي بالحق والصبر.
كلها آيات تؤكد مفهوم أن الناس كلهم قد يكونون مؤمنين بالله ويوحدونه، سواء بإعلان منهم أو دون إعلان منهم بهذا، ويمكن لجميع الناس الفوز بالجنة، إذا استوفوا الشرطين الأساسيين .. التوحيد وعمل الخير.
الخلاصه التي أستطيع أن أتوصل إليها من خلال تدبري البسيط أن كل البشر بمختلف معتقاداتهم يسمح لهم دخول الجنه إن كانو موحدين بالله ومؤمنين به والإيمان محله القلب، إذن لا يحق لي كشخص أن أصنف الإنسان بين مؤمن وكافر، وأنا لم أطلع على فؤاده، وكيف لي الاطلاع على أفئدة الناس، وأنا بشر بسيط لا أملك هذه الملكة.
وأخيرًا إن التطرف والإرهاب لن نقضي عليهم بالعنف، فالعنف يولد المزيد من العنف والكراهية، وأرى والله أعلم أن الفكر والتدبر والتوعيه هو خير طريق للسلام، وهذا المقال مساهمة مني كمسلم يرى أرواحًا تزهق فقط لوجود مغالطات فكرية في أذهان بعض الناس.
(هذا المقال ما هو إلا تدبر للقرآن ووجهه نظري ومفهومي عن الآيات)
The post الحل القرآني الجامع المانع للإرهاب appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست