الأربعاء، 31 مايو 2017

ثقفني اون لاين : طموح حضارة ج(1)

بدأت فعلًا بالاعتقاد الجازم بأن حربنا الكبرى ومشكلتنا التاريخية، هي في الأفكار.

ترى أي ثقافة تمتلك يا رفيق؟!

هل تنظر إلى السماء أم إلى الأرض؟!

هل لديك طموح لحضارة ما؟!

بعد قراءة في الصفحات الأولى من كتاب مشكلة الأفكار للمفكر مالك بن نبي، تبين لي حقًّا أوجه الاختلاف بيننا وبين الغرب وبين كل الأجناس، لقد علّمنا الإسلام متجسدًا في هدي نبيه الأمين – صلى الله عليه وسلم- كيف نجعل نمط تفكيرنا حضاريًا.

إن التفكير الحضاري من وهلته الأولى يرفع فيه الإنسان نظره إلى السماء، متأملاً ومتدبرًا باحثًا عن الخالق من خلال خلقه، مدركًا تمام الإدراك بالغيبيات التي لا يستطيع بصره الضعيف أن يجول فيها، وبالتالي فقد آمن هذا الإنسان مباشرة بقدرة الله وبديع صنعه، وارتبط فكره بدينه؛ فلن يحيد بهذا الارتباط.

إننا حقا في حاجة ماسة إلى هذا التفكير وإلى هاته الأفكار، بدلاً من أفكار التسلط التي انتشرت خلالنا انتشار السم في الجسد، حتى أصبح ديننا المادة، وفكرنا المادة، وليس محض كلام، جرب صباحًا أن ترفع بصرك نحو السماء، وسترى كيف تبدأ حضارتك؛ فالأرض ضيقة وسماء ربك واسعة.

إن من سنن الله في كونه، ومن آياته في عباده، تداول الأمم والحضارات على قمة العالم والبشرية في زمن ما.

وإن جوهر حضارة معينة «الإسلامية، الفرعونية، الفينيقية…» هو ثقافتها، فلكل أمة ثقافة، وإن للثقافة نمطين حسب المفكر العربي الإسلامي مالك بن نبي؛ أول النمطين ثقافة أشياء، تتمثل في نظرة السيطرة وحب الامتلاك، وثقافة أفكار تتمثل في حب التساؤل والبحث عن الحقيقة.

فحينًا تكون القمة لثقافة من الثقافتين، والحضيض للأخرى، وحينًا يكون العكس، وبينهما في مرحلة الوسطية تكون كلتا الثقافتين في مرحلة إعداد، ربما تختلجها لحظات اختلاط بين الثقافتين.

هذا حال الحضارة في تقلباتها، فحينًا تكون في الأعلى، حضارة تتركز فيها الأشياء حول فكرة، وحينًا تبلغ القمة، حضارة تتركز فيها الأفكار حول شيء.

حقًّا إنه وجب علينا لزامًا باعتبارنا جيلًا طامحًا أن نفكر بجدية في قصة الحضارة التي نسمو إليها.

لفت انتباهي تمثيل مالك بن نبي لنمطي الثقافة؛ حيث مثلهما بقصتين هما قصة روبنسون كروزو، وقصة حي بن يقظان، فذو البصيرة النيرة يرى أن روبنسون كروزو تغلب على كآبة الوحدة بـ: «صناعة طاولة»، بينما حي بن يقظان فقد تغلب على هذا الشعور ببناء الأفكار، عندما رأى الغزالة تموت بدون داء يصيبها، فأيقن أن هناك أمرًا أعظَم من المرض، هناك خالق ففكر فيه وفي قدرته.

الآن في عصرنا، ظهر ما يسمى بتقدير النتائج المستقبلية، فالغرب مثلاً يقولون ستسيطر أوروبا على العالم في العام الفلاني، وسيصبح عدد المسلمين كذا في عام كذا.

كلها تكهنات والله أعلم، فمراكز البحث الغربية عند تقديرها للنتائج تقتصر في دراستها على عالم الأشياء فقط، فقدد يكون هناك إفراط أو تفريط؛ فمثلاً كيف يحسبون للإسلام، أعطيكم إحدى الطرق: «اعتنق في 2010 عشرون شخصًا الإسلام، وفي العام التالي كذا، وكذا في العام الذي يليه، فيقدرون بإحصاءاتهم بناءً على السنين وعدد المسلمين ويستنتجون أنهم سيصبحون عددًا ما في 2050».

بينما أنا وأنت وكل المسلمين نعلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان واحدًا، وفي ظرف وجيز أصبح أتباعه أكبر عددًا من قريش، لذلك فعدد المسلمين على سبيل المثال لا تتحكم فيه الأشياء «والمتمثلة في عدد المسلمين في زمن ما»، بل إن هناك دافعًا آخر، هو قدرة الله، هو أخلاق الإسلام والمسلمين، وكل الأمور التي دفعت بالمشركين إلى الإسلام.

لذلك علينا ألا نترقب حضارة الإسلام بعد 1000 سنة، بل يجب علينا أن نترقبها غدًا أو العام القادم، فالله تعالى هو المدبر، وإن ملأنا تفكيرنا به وبقدرته وبحال المسلمين، ستكون قائمة الإسلام قريبة بإذن الله تعالى.

The post طموح حضارة ج(1) appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست