الأربعاء، 31 مايو 2017

ثقفني اون لاين : انتحر.. ولكن اقرأني أولًا

كيف تودين أن تكون الأشياء مختلفة بالنسبة إليكِ؟

– أريده أن يتوقف.

ما الذي تريدينه بالضبط أن يتوقف؟

أريد كل شيءٍ أن يتوقف.. فقط.. الناس، الحياة.

الحياة؟

بالتأكيد قد صُدمت حينما قرأت هذا العنوان، والفضول أخذك إلى هنا، سأروي فضولك، وسريعًا؛ فإنني أعرف جيدًا أن من لديهم ميولاً انتحارية لن يتنظروا، خاصة لو انتظروا كثيرًا وذاقوا ألم الانتظار من قبل.

ولهذا أتحدث معك، لا تخف؛ فأنا لست شيخًا أو عالم دين سأنهال عليك بأحكام الكفر والزندقة أو شيء من هذا القبيل، وبغض النظر عن مجالي الطبي، لن أتحدث معك كطبيب، ولكنني سأتحدث معك كإنسان يعرف تمامًا معني أن تتألم.

لا أعرف شيئًا عنك ولا عما مررت به، ولكنني أفترض – بما أنك هنا- أنك تشعر بالضيق والألم، وترتب لإنهاء حياتك، ولقد عرفت أناسًا كثيرين يفكرون في الأمر ذاته، بل حاولوا «وعدم تفكيرك في الانتحار ليس دليلاً على عدم وجود الألم».

أنت لست سيئًا أو مجنونًا، أو ضعيفًا لأنك تريد الانتحار، ولكنك لم تعد تتحمل، ميولك الانتحارية دليل على شيء واحد كبير – بغض النظر عن تصنيف الأسباب وأنواعها – ألا وهو الألم، تراكم الألم إن حق القول، وهذا بعيد تمامًا عن ضعف الإرادة كما يزعم الزاعمون.

«ولكن يا بني هذا غير كافٍ للانتحار»

طالما أقدمت على الانتحار؛ فبالتأكيد قد سمعت تلك الجملة، لكنها خاطئةً تمامًا. وأنصحك: لا تقف مع قائلها دقيقة أخرى! فمَن لا يقدِّر الظروف لا يستحق التقبُّل، كيف يتحدث عنك هكذا؟ ماذا يعرف أصلاً عما مررت به؟ أنا لا أعرف؛ ولذلك عندما أنصحك، سأنصحك معممًا الموضوع.

كما اتفقنا أن الألم هو العامل الأكبر للانتحار.

– ولكن لماذا أنا أفكر في الانتحار وغيري لا يفعل رغمًا عن كونه يمر بألمٍ أكبر؟

ذلك لأننا هنا لا نتحدث عن الألم ذاته، ولكن عن مدى تحمل الشخص له؛ فهناك اختلاف كبير بين تحمُّل الأشخاص للألم!

وعندما يتجاوز الألم موارد التأقلم لدينا، ويختل التوازن، نقدِم على الانتحار. فهل هذا بالأمر الصائب؟

«أنت بالطبع تعرف أنني أكتب لأوقفك عن تلك الفعلة، لا تتظاهر بالعكس؛ فبالتأكيد – حتى بعد كل هذا – لن أقول لك: ما شاء الله! انتحر يا صديقي، فالانتحار ألذُّ من المكرونة بالبشاميل».

والآن أمامنا حلان: إما أن نجد وسيلةً لنحد من هذا الألم «لا ليس كما فهمت؛ فالانتحار لم يكن حلاً في أي زمان!»، وإما أن نجد وسيلةً لزيادة موارد تكيفنا معه.

أتعرف ما يدهشني ها هنا؟ أنك واجهت كل تلك الصعوبات ولا تستطيع أن تصبر قليلاً، ليس فقط لأن تأتي السعادة، وتتبدل أحوال الحياة، بل أيضًا – وهذا أهم نسبيًّا- لأن تموت موتًا أنت جديرٌ به؛ فلقد رأيت الكثير لتستحقه. لِمَ تهرب؟ إذا هرب من انتظر وتحمل، من سيظل إذن؟

– ولكنني أخيرًا سأرتاح، وسيذهب الألم.

– لن يفعل، الألم سيظل، أنت فقط – بانتحارك هذا – تنقله لغيرك، أمثال أهلك، أصدقائك، ومن سيكونون أصدقاءك.

وإذا قلت لك إنهم من أوصلوني لهذا؟ الانتحار ليست أنانية كما يقولون، ولكنه اليأس، العزلة، والوحدة.

– ولكنك لا تفكر الآن فيما بعد. لأنك ― كما أسلفت― يائس ووحيد. لقد قالت لي أمي يومًا: «مشكلة الّلي بيضيع إنه ما بيبقاش عارف إنه بيضيع».

جزءٌ كبير عليكم كآباء، وهو متابعة حالة أبنائكم النفسية والمعنوية، وأن تخصصوا جزءًا لهم، أن تحضنوهم وقت السقوط، وأن تكافئوهم أوقات النجاح.

التنمر، الكره، الاغتصاب، الإقصاء، إطلاق الأحكام، التدخل الدائم في حياة الآخرين وغيرها، كلها أشياء تؤدي إلى اليأس والألم، والوحدة والذين بدورهم يؤدون إلى الانتحار، فكم من انتحارٍ أيها الناس لتتعلموا أن تكونوا لطفاء؟

___

ولكن لماذا تخسر حياتك بسبب أخطاء الآخرين؟ مشكلتك يا صديقي الآن أنك تعظِّم كل شيء، والصغير يكبر في عقلك، تفكر كثيرًا فتبتعد، تشعر بأنك غير مفهوم، وبالتالي غير محبوب، فتصبح وحيدًا، فتيأس، فتفكر في الانتحار.

عالج تلك الأسباب، لا تفكر كثيرًا، لا تهتم «بالتأكيد لا أقصد المعنى العدمي منها، ولكن هناك أشياء فعلاً لا تستحق الاهتمام»؛ هؤلاء الناس – كمثال لا أكثر – لا يستحقون كل هذا الاهتمام. اخرج الآن وارتشف كوبًا من النسكافيه، أو كُل شطيرةً من اللحم «وأوصيك بمطعم بافالو برجر»، ونم فاستيقظ، ثم ابحث عن دافع، وابحث أولاً عمن يساعدك في الوصول إليه وتحدثا، ثم واصل حياتك، وكلما تمردَت، ابتسم لها وقل: لم أعد أهتم.

اقتل نفسك، ولكن تلك التي أتت بك إلى هنا، تلك التي جعلتك تقدِم على شيء كهذا؛ كيلا تفعل مرةً أخرى، شيء بداخلك فقط هو ما يجب أن يموت، ليس أنت، ولكنك الآن لا تستوعب! ومن فضلك حِب نفسك؛ فهي أحق شيء بالحب.

ودائمًا تذكّر قول د. أحمد خالد توفيق:

«فكرت أن أقتل نفسي، ثم وجدت أنه من الأفضل أن أشتري شطيرتين من السجق من عند عواد، مع كوب شاي بالنعناع، في الصباح سوف أنسى كل شيء، وهو ما حدث فعلاً».

أو تذكّر أنني – على سبيل المثال- في السنة الثالثة طب عين شمس، ولم أنتحر بعد! هلّا اقتنعت؟

– بهذه البساطة؟

– نعم بهذه البساطة، فالحياة لا تستحق أكثر من ذلك، غدًا يمكن. كل شيء زائل يا صديقي، ولكن لكل شيءٍ وقته، إن عوّدت نفسك على التأثر بعمق الآن، فأنت تنتحر بحق، وإن كنت قويًا لتنتحر فأنت قوي كفاية لتتشبث حتى نهاية المطاف؛ فلا شيء يفوق شجاعة الإقدام على الانتحار، وإن احتجت أي شيء، فأنا كالعادة هنا.

The post انتحر.. ولكن اقرأني أولًا appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست