الجمعة، 31 مايو 2019

ثقفني اون لاين : إلى من «يميل قلب» بوتين في الشرق الأوسط: تركيا أم السعودية والإمارات؟

من الناحية الجيوستراتيجية، تسعى روسيا لتوظيف جميع أدوات القوة والدبلوماسية والمعلومات ومبيعات الأسلحة وصفقات الطاقة والقوة المباشرة والاستغلال المستمر لكل انقسام عرقي وديني يمكن العثور عليه في الشرق الأوسط.

ولتحقيق هذا الهدف، تتبنى روسيا استراتيجية دولية أوسع، تتمثل في: استغلال أو خلق الأزمات الإقليمية كلما أمكن ذلك لشق طريق العودة أمام الكرملين إلى صدارة المشهد، باعتبارها قوة عالمية كبرى يجب أن تكون جزءًا من حل تلك القضايا. والحد الذي يمكن أن تصل إليه موسكو باعتبارها قوة عظمى في الشؤون العالمية، هو ما يحدد حجم مكانة بوتين في الداخل.

يقول ديمتري ترينين، مدير مركز «كارنيجي» في موسكو: «الهدف من سياسة بوتين الخارجية هو استعادة مكانة روسيا بوصفها قوة عالمية كبرى». لكن ربما يكون هناك هدف آخر أكثر أهمية – بحسب أوين ماثيو وجاك مورودامين شاركوف في مجلة «تايم» هو: رغبة بوتين في حماية روسيا من «الإرهاب الإسلامي المتطرف»، الذي استغل بوتين الخوف منه للصعود إلى السلطة خلال الحروب الوحشية في شمال القوقاز خلال فترة التسعينيات.

مع الفارق بين الشخصيتين والسياقين والقوتين، يشبه بوتين في هذا المقام تحديدًا الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي قال: «إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين»، لذك فقد «حكم دائمًا عن طريق خلق البلبلة والأزمات»، كما تقول ساره فيليبس الخبيرة في الشؤون اليمنية في مقال كتبته في صحيفة «الجارديان».

لماذا تهتم موسكو بعلاقاتها مع السعودية والإمارات؟

قد تكون سوريا هي القضية الأكثر إلحاحًا فيما أطلق عليه زبيغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، «البلقان الأوراسية»، لكنها ليست القضية الوحيدة أو محور سياسة روسيا في الشرق الأوسط.

الأولوية الثابتة لروسيا داخليًا وخارجيًا هي: الظهور المستمر باعتبارها قوة عظمى عالمية متيقظة، تقاتل ما تعتبره تهديدات غربية لتقويض الدولة. ويعتقد الكرملين أنه إذا لم تلعب روسيا دور القوة العظمى في المناطق ذات الأهمية الحيوية مثل الشرق الأوسط، فلن تكون دولة ذات شأن على المستوى العالمي، حسب ستيفن بلانك، كبير زملاء مجلس السياسة الخارجية الأمريكية.

Embed from Getty Images

ولي عهد أبو ظبي أثناء اجتماع مع الرئيس الروسي

الهدف الرئيسي لروسيا في هذه المهمة هو: تشكيل كتلة معادية للولايات المتحدة. تحقيقًا لهذا الهدف، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادة دول الشرق الأوسط 25 مرة خلال عامين (2016-2017)، أي أكثر بخمس مرات من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وفقًا لتحليل أجرته مجلة «نيوزويك» للاجتماعات الرئاسية.

من بين دول الشرق الأوسط، تبرز السعودية والإمارات باعتبارهما قوتين إقليميتين ثريتين ترى روسيا ضرورة مد جسور التعاون معهما لعدة أسباب:

  • العمل مع دول الخليج يضمن ارتفاع أسعار الطاقة؛ وهذا أمر حيوي بالنظر إلى مركزية الهيدروكربونات في البرامج الصحية والاقتصادية الروسية.
  • من خلال الاستثمارات والتجارة المتبادلة بين روسيا ودول الخليج؛ يمكن لموسكو الالتفاف على العقوبات الغربية، وزيادة التأثير الاقتصادي على أوروبا من خلال صادرات الطاقة.
  • تسعى موسكو إلى منع الصراع بين شريكها الإيراني وهذه الدول السنية وإسرائيل؛ تجنبًا لعودة الولايات المتحدة إلى الصورة بشكل كبير، وإعطائها الفرصة لتنفيذ استراتيجيتها الرامية إلى تهميش روسيا في الشرق الأوسط.
  • تريد موسكو السيطرة على العلاقات التي قد تطورها دول الخليج مع الأقاليم الإسلامية في روسيا؛ لمنع انتشار الأيديولوجيات «غير المرغوب فيها». حيث أعلن مكتب الأمن الفيدرالي الروسي أنه عثر في مناسبات عدة على مطبوعات سعودية في داغستان وإنجوشيا تروِّج لـ«لأيديولوجيات متطرفة».

والعلاقات مع تركيا مهمة أيضًا

في الوقت ذاته، لطالما كانت تركيا هي «النجم الهادي لسياسات بوتين في الشرق الأوسط»، على حد قول بلانك في «أتلانتك كاونسل». لسنوات، سعى الرئيس الروسي لإصلاح العلاقات الروسية-التركية، عازمًا بوضوح على تقليص ارتباط تركيا بحلف الناتو.بنى بوتين قوة اقتصادية هائلة في تركيا من خلال مبيعات الطاقة (الهيدروكربونية والنووية) والآن صفقات الأسلحة. وعلى الرغم من التوتر في 2015-2016 بعد إسقاط تركيا طائرة روسية على حدودها مع سوريا، أقام بوتين علاقة شخصية وثيقة للغاية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

تعد تركيا مثالًا على سياسة روسيا الأوسع، حيث ترتبط صفقات الطاقة والأسلحة على المستوى الإقليمي باتفاقيات تسمح لروسيا بالوصول إلى الموانئ والقواعد البحرية والجوية وغيرها من المنشآت التي تتحول في كثير من الأحيان إلى قواعد روسية.

تسمح هذه القواعد لموسكو ببسط نفوذها العسكري -كما كانت تتوق تاريخيًا- إلى بلاد الشام والبحر المتوسط، ​​مع قطع طريق حلف الناتو إلى البحر الأسود، وكبح قدرة الحلف على شن عمليات سواء في الشرق الأوسط أو ضد روسيا من البحر الأبيض المتوسط ​​والبلقان. وما بدأته روسيا بضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، جعل نشر قواتها في البحر المتوسط ​​والشرق الأوسط تكملة لا مفر منها.

في المقابل، يرى أردوغان أن روسيا هي القوة المهيمنة في الأزمة السورية، لذلك يواصل العمل مع موسكو على أمل التأثير في مستقبل سوريا، وتحديدًا الحد من قوة وتأثير الأكراد.

وحتى بعيدًا عن القضية السورية، يرى أردوغان أن روسيا تمثل ثقلا موازنًا مفيدًا للعلاقات مع الغرب. يرى يرجح مويرا جوف-تايلور في مركز «وودرو ويلسون» أن أردوغان يريد أن يبعث برسالة إلى الأوروبيين مفادها أن تركيا لديها حلفاء آخرين يمكن أن تتحول إليهم عندما يتراجع دعم الشركاء الغربيين.

«هآرتس»: كيف أصبحت روسيا وتركيا أكبر المستفيدين من العقوبات على إيران؟

منابع الخلاف بين السعودية وتركيا

تركيا والسعودية قوتان سنيتان كبيرتان في الشرق الأوسط، لكنهما ليستا صديقتان تمامًا. صحيحٌ أنهما اتخذا الموقف ذاته في سوريا منذ البداية، فضغطا للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ونقلا مساعدات إلى الجماعات المسلحة ذاتها. لكن الرياض كانت تنظر بتشكك مبكر إلى سياسة أنقرة الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين، وهو الموقف الذي تُوِّج بتأييد سعودي للانقلاب العسكري الذي أطاح الإخوان في مصر.

كما وقفت تركيا والسعودية على طرفي نقيض حيال قطر؛ الإمارة الغنية بالغاز التي لا تزال أفضل صديق للأتراك في الشرق الأوسط، وراعية الإخوان المسلمين، لكنها في المقابل أغضبت محمد بن سلمان، الذي لا يروق له أيضًا تعاون تركيا مع إيران، عدو السعودية اللدود، ثم جاء مقتل الصحفي جمال خاشقجي ليضع المزيد من الزيت على نيران الخصومة.

هناك أزمة جديدة بين السعودية وتركيا، يتوقع بيرول باسكان في «معهد الشرق الأوسط» أن تكون أشد وطأة من النزاع حول مقتل خاشقجي، تتعلق بوحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها تركيا الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، وبالتالي فهي تراها جماعة إرهابية تشكل تهديدًا أمنيًا.

بينما تسعى أنقرة إلى القضاء تمامًا على الوحدات المسلحة الكردية من شمال سوريا، تسعى السعودية لمغازلة الأكراد بمشاركة حليفيها الإقليميين القويين: الإمارات ومصر. نتيجة لذلك، أصبحت المشاعر المعادية للسعودية متفشية في تركيا، ويرجح بيرول أن تنتشر على نطاق أوسع وأعمق في المستقبل القريب.

Embed from Getty Images

أردوغان مع ملك السعودية خلال اجتماع دول قمة العشرين

لم يعد من المفاجئ الآن قراءة مقالات لكتاب موالين للحكومة التركية يعلنون فيها أن السعودية والإمارات عدوان لتركيا. كما يتوقع أن تكون إعادة إعمار سوريا معركة أخرى بين القوى المتنافسة التي تحاول ترسيخ نفوذها في البلد التي دمرته الحرب من خلال دفاتر الشيكات؛ ما دفع الصحفي مارك تاونسند إلى القول أن «معركة سوريا بدأت للتو».

أسباب العداء بين تركيا والإمارات

على الرغم من أن التنافس التركي-السعودي يمثل مصدر قلق كبير، فإن العداء بين تركيا والإمارات قد يكون في النهاية أكثر إشكالية -بحسب ديريك دافيسون- ذلك أن الإمارات كانت أكثر صرامة من السعوديين تجاه جماعة «الإخوان المسلمين» (التي يدعمها أردوغان و«حزب العدالة والتنمية» بقوة)، حسبما يلفت حسين إيبش، الباحث المقيم في «معهد دول الخليج العربي» في واشنطن.

تعارض الإمارات بشكل قاطع لا لبس فيه جميع أشكال الإسلام السياسي وتسييس الإسلام وأسلمة السياسة. يقول ديريك دافيسون في موقع «لوب لوج»: «أي إصدار من هذا النوع هو لعنة من منظور دولة الإمارات العربية المتحدة. وهي ملتزمة بما يرقى إلى مستوى السياسة العلمانية في المنطقة، وفصل الدين عن السياسة».

في المقابل، لا يمكن أن تتخذ السعودية موقفًا حاسمًا تجاه الفصل بين الدين والسياسة، لأن المملكة تقدم نفسها باعتبارها دولة دينية، ويستمد ملكها شرعيته من خدمته للحرمين الشرفين، متخذًا من القرآن دستورًا.

يضيف دافيسون : «ولي عهد أبو ظبي، الأمير محمد بن زايد، هو الزعيم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعتبر على نطاق واسع مرشد محمد بن سلمان، الذي يشجعه على تبني سياسة معادية لتركيا. لذلك، فإن أي تقارب تركي-سعودي يجب أن يبدأ بابتعاد محمد بن سلمان عن حليفه الإقليمي الأقرب في الإمارات».

وبعدما كانت الإمارات تبتعد عن الأضواء، حتى عندما تدعم العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، مثل: حرب الخليج عام 1991، أصبحت الآن تنشط في تمويل الوكلاء وتسليحهم وتدريبهم في ساحات الصراع المختلفة، بل وتتسابق لتدشين قواعد عسكرية في أفريقيا.

من الصديق الأقرب لبوتين في الشرق الأوسط ؟

ماذا لو تفاقمت التوترات بين «الإخوة الأعداء» إلى مستوى الاشتباك العلني أو حتى تصعيد الحرب بالوكالة في أنحاء المنطقة؟ ماذا لو أدارت الولايات المتحدة وجهها في الاتجاه المعاكس، وتركت حلفاءها السنة يسوون حساباتهم بأنفسهم؟

هل يمكن أن يقرر أردوغان أن هناك زعيمًا واحدًا فقط يستحق التعامل معه، هو: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسبما كتب الباحث ديميتار بشيف في موقع «أحوال تركية»؟ أم أن أولوياتهما ورؤاهما الاستراتيجية المختلفة، ناهيك عن انحياز روسيا لأحد الجانبين إذا اشتعل الموقف؛ يشكك في إمكانية ازدهار التحالف بين أنقرة وموسكو إلى ما هو أبعد من المستوى الراهن، كما يرجح خبير الشؤون التركية، سنان سيدى، في تحليل نشره «ستراتفور»؟

لعل الجواب الأدق هو أنه إذا كان «بإمكان روسيا أن تتعامل مع الجميع في الشرق الأوسط، وهي ليست الصديق المفضل لأحد»، فلماذا تخسر هذه الميزة التي قال عنها فيصل اليافعي في صحيفة «ذا ناشونال»: «سعي موسكو لتحقيق مصالحها الخاصة، وعدم الانحياز إلى جانب؛ هو ما يمنحها قوة كبيرة».

مع التغير الكبير والسريع في المنطقة، فإن الموقف الأقوى هو: عدم اختيار جانب. لعبت موسكو هذه اللعبة بذكاء؛ حيث تبنت نهجًا براجماتيًا، يفضل عقد الصفقات العسكرية ومد جسور العلاقات الدبلوماسية على العلاقات الدائمة. وبهذه الطريقة، تتمتع روسيا بالحرية في السعي وراء مصالحها الخاصة، مع الحفاظ على علاقات جيدة نسبيًا مع الجميع. ففي الشرق الأوسط الذي يتسم بالتحالفات المتغيرة، هناك فائدة كبيرة لكونك شريكًا غير مستقر.

بكلمات أخرى: الصديق الأقرب لروسيا في الشرق الأوسط هو: المصالح الروسية، التي تحتم على الكرملين الاستثمار في كل شيء وتوظيف الصداقات كما العداءات، بل وخلق الأزمات إذا استدعى الأمر، طالما لم تخرج الأمور عن نطاق السيطرة.

هل ستتخلى روسيا عن إيران في مواجهة أمريكا والسعودية؟

The post إلى من «يميل قلب» بوتين في الشرق الأوسط: تركيا أم السعودية والإمارات؟ appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
إقرأ المزيد.. bloggeradsenseo

ثقفني اون لاين : دينهم مشهور بالمحبة والسلام.. تاريخ البوذيين مع الدماء!

في مقالٍ نُشر بـ«النيويورك تايمز» عن علاقة البوذية والعنف، يقول الكاتبان دان أرنولد وأليشيا تورنر، أن معظم أتباع الديانات في العالم، يولون اهتمامًا كبيرًا لفضائل مثل الرحمة والمغفرة، وأن الهدف المنشود للدولة التي يدعون إليها هو «السلام العالمي»، ويضيفان: «التاريخ أثبت أن التصرفات الدينية اليوم هي أعمال بشرية، وعلى الرغم من نُبل تطلعاتها إلا أنها قابلة للإخفاقات، مثلها مثل كل أعمال البشر والإنسانية».

يشير كل من أرنولد وأليشيا إلى أن القليل من المراقبين المعاصرين يصابون بالصدمة عند حدوث عنف ديني، وعلى الرغم من ذلك كان هناك استثناء واضح، يخص البوذية؛ إذ إن هناك اعتقادًا راسخًا حتى اليوم يشير إلى أن البوذية دين سلام ورحمة، والمجتمعات البوذية هي مجتمعات مسالمة ومتناغمة مع من حولها.

كان هذا الاعتقاد سببًا رئيسيًا في ردود الأفعال المندهشة لدى الكثيرين فيما يخص أحداث ميانمار وسريلانكا؛ إذ كيف يمكن للمجتمع البوذي، وخاصةً الرهبان البوذيين، التورط بشكلٍ عنيف في أعمال تطهير عرقي ضد أقلية من الناس؟ أليس من المفترض أن يكون البوذيون عطوفين ومسالمين؟

يشير التقرير إلى أن هناك شكلًا حديثًا للبوذية قد نشأ بدايةً من القرن التاسع عشر والقرن العشرين، خلال هذه الفترة ابتعد البوذيون عن الطقوس الدينية لديانتهم، ونشأ هذا الشكل الجديد والذي يعتبر البوذية مجرد فلسفة أو طريقة حياة، وأن القدرة على القيام بأعمال عنف قاسية ما هو إلا تصرف يعكس جزئيًا التاريخ المميز للبوذية الحديثة.

في سريلانكا.. الرهبان البوذيون أشعلوا النيران في ثلاثة مساجد

في عام 2014، قتل حارس مزرعة يملكها مسلمون بالقربِ من بلدة اللوغاما في سيريلانكا، وتعرضت بعض الشركات التي يديرها المسلمون إضافةً إلى المنازل للهجوم، وذلك من قبل جماعة «بودو بالا سينا»، وهي جماعة بوذية متطرفة، وقد أشارت التقارير إلى أن الطعام كان ينفد من السكان المسلمين وذلك نظرًا لما يعانونه من حظر التجوال والحصار الذي فرضه المتطرفون البوذيون، وقد كان اندلاع العنف الطائفي في سريلانكا هو الأسوأ منذ سنوات، وذلك ضد الأقلية المسلمة والتي تشكل حوالي من 7 – 10% من عدد السكان.

خلال هذه الأحداث قتل أكثر من ثلاثة مدنيين خلال اشتباكات مع البوذيين المتشددين في جنوب سريلانكا، وأصيب أكثر من 78 آخرين بجراح خطيرة خلال أعمال العنف، وذلك بعد شهور من التوترات المتزايدة، وقد اندلعت أعمال الشغب بعد مسيرة احتجاج من قبل مجموعة بوذية متشددة «بودو بالا سينا»، والتي يقودها جزئيًا الرهبان البوذيون.

وبعد المسيرات الاحتجاجية في ألثجاما، سريلانكا، تقدم العامة يرددون الشعارات المعادية للمسلمين، واندلعت النيران في المنازل والمتاجر في المنطقة، وألقوا القنابل الغازية والحجارة على الجزء المسلم من القرية، وأشعلوا النيران في ثلاثة مساجد، وخربوا دور عبادة المسلمين، وذلك بناء على تقارير غير رسمية نشرتها «النيويورك تايمز»، وجرى تخريب ممتلكات السكان المسلمين جراء أعمال عنف استمرت طوال الليل.

يقول السيد حسين، أحد الرجال المسلمين الذين شاركوا في قتال يوم الأحد المشهود، أن البوذيون قد قاتلوهم وجهًا لوجه مدة ساعتين، ويضيف: «لم تظهر قوات الشرطة إلا بعد سقوط القتلى»؛ إذ ظهرت فرق الشرطة بأماكن الأحداث في صباح الساعات الأولى من يوم الإثنين، وذلك لنقل القتلى والجرحى. أما السيد فارينا فيقول أن الشرطة راقبت أحداث الأحد الشرسة عن بعد بينما هاجم المتطرفون متاجر المسلمين ومنازلهم.

(رهبان بوذيون في سريلانكا)

لم يتوقف العنف عند هذا الحد؛ إذ وفي 5 مارس (آذار) من عام 2018، قام المئات من السكان المسلمين في مدينة موليجاما بتحصين أنفسهم داخل مسجد محلي، وذلك بعدما هاجم المتطرفون البوذيون منازلهم، واتهموهم بسرقة صندوق التبرعات من المعبد البوذي. يقول عن ذلك السكان المسلمون المختبئون في المساجد، والذين رفضوا الإدلاء بأسمائهم خوفًا من الانتقام، أن النيران اجتاحت منازلهم، وقوات الشرطة السريلانكية لم تساعدهم في حفظ ممتلكاتهم، ولم تفعل شيئًا لمنع المهاجمين.

أشعل المتطرفون والذين يتألف معظمهم من الغالبية السنهالية، النيران في منازل وشركات المواطنين المسلمين، وذلك بعدما تزايدت حالة العداء في الأشهر الأخيرة بين الطائفتين، إذ اتهمت الجماعات البوذية المتطرفة المسلمين بإجبار الناس على اعتناق الإسلام، كما احتج القوميون البوذيون على تواجد طالبي اللجوء من مسلمي الروهينجا مي ميانمار داخل الأراضي السريلانكية.

فرضت الحكومة السريلانكية بعد ذلك حالة الطوارئ، والتي استمرت 10 أيام، في محاولة لاحتواء أعمال العنف، وذلك إثر موجة الشغب الجديدة ضد المسلمين في مدينة كاندي، والتي جاءت نتيجة مشاجرة ما بين سائق شاحنة بوذي وبعض الشباب المسلمين انتهت بمقتله متأثرًا بجراحه. لم يكن للمشاجرة أية دوافع دينية أو عرقية -بحسب المواقع الإخبارية العالمية، إلا أن الرهبان البوذيون قد استغلوا تلك الحادثة من أجل الترويج لأعمالِ شغب جديدة بين المجتمعين البوذي والمسلم.

وتشير التقارير إلى أن الدولة السريلانكية لديها تاريخ حافل، جرى فيه تأطير الحرب الأهلية باعتبارها صراعًا بين الأعراق، خاصةً السنهالية والتاميلية، إلا أن خطابات التعبئة كانت دائمًا في مجملها دينية، البوذية ضد الهندوس الذين سعوا لتكوين دولة مستقلة في الشمال خلال الحرب الأهلية على سبيل المثال؛ ونتيجة لذلك جاء تدريب الغالبية البوذية السنهالية على الشعور بالحرمان والظلم وانعدام الأمن جزءًا أساسيًا من هويتهم الذاتية، ويجري استخدامه في التعبئة لأغراض سياسية مستترة على مدار عقود.

تعرف إلى القوانين البوذية الأكثر عنصرية

في ذلك الوقت، أصبحت المنصات الاجتماعية، «فيسبوك» و«تويتر» و«واتس آب»، هي مجرد وسائل فعالة لنشر المعلومات المضللة، ويشير مركز الدراسات والنشر والتوثيق «Cetri» ومقره بلجيكا، إلى أن السياسيين قد استخدموا هذه المنصات من أجل الحشد لأعمال العنف العرقية والدينية في سريلانكا، وذلك من أجل تعبئة المؤيدين وتهميش المعارضين لسياساتهم، مما أجبر الحكومة السريلانكية على اتخاذ قرار بحظر شبكات التواصل الاجتماعي من البلاد.

تاريخ العنف ضد المسلمين في ميانمار

«عام 2013، وضع راهب بوذي السكين على رقبة فتاة مسلمة قائلًا للشرطة: إن قمتم بتتبعنا؛ فسنقتلها». *تقرير لرويترز

كان المتطرفون البوذيون مسلحين بالمناجل والسيوف، مهاجمين 100 مسلم في مدينة صغيرة بوسط ميانمار، وفي خلال ساعات قتل أكثر من 25 مسلمًا، وجُرت أجسادهم الملطخة بالدماء إلى أعلى تل في منطقة «Mingalarzay Yone»، وأشعل البوذيون النار فيها. خلال ذلك سجلت كاميرات «رويترز» صورًا لبقايا جثث متفحمة لطفلين أعمارهما بين 10 سنوات أو أقل، كما عُثر على جثث بعض المذبوحين جرى إلقاؤها في أحد المستنقعات.

في تقريرِ رويترز، جرت الإشارة إلى أن التحول الديمقراطي للبلاد كان نقطة التحول التي كشفت عن أنياب الكراهية العرقية في ميانمار، وأطلقت العنان لها، وخلال هذه الأحداث طُرد المسلمون من منازلهم وأعمالهم، وتبع ذلك الكثير من سفك الدماء فيما لا يقل عن 14 قرية أخرى، هي معاقل المسلمين المركزية داخل ميانمار، ومارس المتطرفون أعمال العنف والشغب تحت قيادة الرهبان البوذيين أنفسهم، وعلى مرأى ومسمع من الحكومة المحلية، وعنونت الأحداث عن طريق «جرافيتي» الجدران؛ التي كتب عليها عبارات مثل: «إبادة المسلمين».

عام 2011، كانت ميانمار قد تخلصت أخيرًا من الحكم العسكري، وتولت الرئاسة السيدة الحائزة على جائزة نوبل في السلام أونغ سان سو كي، وخلال ست سنوات تلت ذلك، تشير مجلة «Time» إلى أن الطبيعة المنقسمة لمجتمع ميانمار المتشدد قد بدأت في الإعلان عن ذاتها باعتبارها مصدرًا للتشدد والعنف الديني والعرقي، فلماذا اتخذ بلد غالبيته من البوذيين -تعدادهم 90%- هذا المنعطف شديد السوء ونمت الكراهية بهذا الشكل بين السكان الذين عرفوا منذ زمنٍ طويل بوصفهم مدنيين محبين للسلام؟

(رهبان البوذية في ميانمار)

للإجابة عن هذا السؤال، تشير «التايم»، إلى كتاب الصحافي فرانسيس واد، وكتابه «عدو ميانمار في الداخل: العنف البوذي»، والذي يتناول قصص شخصيات مسلمة وبوذية، حركت المشاهد المأساوية خلال عمليات الانتقال من الحكم الاستبدادي القمعي إلى الديمقراطية، إذ يشير واد إلى أن هذا الانتقال قد نبع عنه عملية صحوة للحركات العنصرية والغاضبة تسعى لإزاحة هؤلاء ممن لا ينتمون للبلاد – على حد تعبيرهم- من المشهد، وفي حديثٍ مع الصحافي واد، برر يو بارموخا وهو راهب بوذي كبير أعمال العنف ضد المسلمين قائلًا: «الإسلام دين عنيف بطبيعته».

تناول كتاب واد العنف البوذي ضد المسلمين من زاويةٍ سياسية، مُشيرًا إلى أن الجيش بعدما فشل في الاحتفاظ بالسلطة عام 2011، قد قام باستغلال البوذيين، لإثارة الحماسة في نفوسهم، من أجل مشروع بناء دولة قسرية متجانسة ذات بعد واحد، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التطرف الديني والعرقي المسيطر على دولة ميانمار اليوم إلى حدٍ كبير، وخلال هذا الصراع، كانت أقلية الروهينجا المسلمة ممن لا يحملون جنسية الدولة، هي هدف سهل المنال، بعدما جرى التلاعب بمفاهيم الهوية والانتماء في ظل حكم الجيش الاستبدادي، كل ذلك في سبيل الوصول إلى حلم «ميانمار الجديدة».

في كتابه، يقول واد، أن بعض المزارعين البوذيين قد أخبروه بأنهم سافروا عام 2012 إلى بعض القرى المسلمة، حاملين المناجل والمشاعل لمهاجمة الروهينجا، والذين كانوا فيما مضى جيرانهم وزملاءهم في العمل، وفي المقابل انتقمت جماعات الروهينجا، فمات المئات من الطرفين وحرقت القرى، حتى أصبح التعايش السلمي بين طائفتي الراخين والروهينجا ضربًا من الخيال. يقول عن ذلك راهب بوذي من الراخين أنه يخشى من المسلمين القاطنين في القرى القريبة منه، «إذا أتوا سنقتلهم، أو يقتلوننا».

هل البوذية دين سلام أم عنف؟

«في النص البوذي المسمى ميتا سوتا أو «الحب العالمي»، يدعو سدهارتا (بوذا) من يسعى إلى الحكمة والسلام أن يكون مُستقيمًا، ولا ينغمس في مشاكل الناس، ولا يحمل نفسه عبء المال، وأن يسيطر على حواسه، وأن يسعى في سعادة جميع المخلوقات، وألا يخيب أمل أحد، ولا يحتقر كائنًا».

إذا كانت التعاليم البوذية تدعو إلى سعادة جميع المخلوقات ونبذ العنف، فلماذا يسعى بعض الرهبان البوذيين إلى نشر خطاب الكراهية ضد المسلمين في سريلانكا وميانمار؟ وكيف يقود الرهبان أنفسهم جماعات المتطرفين والمسلحين لمهاجمة الأقليات الآمنة؟

بنظرةٍ سريعة على البلدين تشير وكالة «بي بي سي» الإخبارية، إلى أن المسلمين في كلا البلدين لا يشكلون أدنى تهديد للبوذيين، بل ويتسم مسلمو البلدين بالسلمية، وكونهم أقلية صغيرة لا تتعدى 10% من تعداد السكان.

يشير التقرير إلى أن البوذية لا يوجد من بين تعاليمها ما يحثُ على العنف، بل إن التعاليم البوذية تسعى للقضاء على العدوانية عن طريق التأمل والتعاطف مع جميع الكائنات، وفي موعظة مانغالا سوتا «النعمة»، يدعو بوذا إلى «التصرف بكرامة ولطف وتجنب الشر والأذى، والتقشف في الحياة والصبر على المصائب»، كما أن الشرور الأساسية التي يجب تجنبها في تعاليم البوذية، كان من بينها القتل والإيذاء والسرقة والجهل والغضب، فكيف نبت من رحم تلك التعاليم السلمية كل هذا الكم من الأذى والعنف والتطرف؟

يشير تقرير «البي بي سي»، إلى أنه بغض النظر عن كيفية بدء الديانة وتعاليمها، إلا أن البوذية قد توصلت في مرحلة من مراحلها اللاحقة إلى اتفاقٍ مع سلطة الدولة، وهو الأمر الذي نتج عنه تورط الرهبان البوذيين في أعمال عنفٍ على مر التاريخ، مُضيفًا أن الرهبان قد لجأوا إلى الملوك وسلطة الدولة من أجل الحصول على التأييد، وفي مقابل ذلك لجأ الحكام والملوك إلى الرهبان البوذيين من أجل إضفاء الشرعية الشعبية على سلطتهم، فأصبحت العلاقة بين السلطة والبوذية علاقة تكاملية، نتج عنها هذا الشكل الجديد من البوذية.

إنفوجرافيك: أي الديانات والحضارات تسببت في قتل عدد أكبر من البشر؟

أما تقرير «The conversation»، فيشير إلى البوذية الحديثة، باعتبارها وليدة حركة إحياء «البوذية البروتستانتية»، في القرنين التاسع عشر والعشرين؛ إذ كان داراما بالا في سريلانكا، مؤسس البروتستانتية البوذية، في ذلك الوقت، هو من بدأ أجندات علاقة البوذية المعادية للإمبريالية، وحارب الاحتلال البريطاني للبلاد، وهو الأمر الذي لم يخل من العنف، كما قام في الوقت ذاته بتأسيس المدارس البوذية، والتي عززت اللغة السنهالية والتعاليم البوذية في المجال العام، ويجري اعتبار داراما بالا حتى يومنا هذا بطلًا قوميًا في سريلانكا، ويتم الاحتفال بيومِ مولده في وسائل الإعلام.

بعد الاستقلال عام 1948، أصبحت اللغة السنهالية هي اللغة الرسمية للدولة، كما أدرجت البوذية في الدستور، مما جعل البوذية جزءًا من قومية الدولة السريلانكية، وعلى الحكومات حمايتها. وتعتبر الحرب الأهلية التي اندلعت في سريلانكا بين عامي 1983 و2009، هي الوقود الذي أشعل حركات التطرف البوذية، وشرارة البدء؛ إذ كانت البوذية في مواجهة متمردي التاميل وأغلبهم من (الهندوس)، الذين سعوا للاستقلال بالجزء الشمالي من البلاد، وسعت الحكومات خلال ذلك لاحتضان القومية الدينية، وتعزيز مكانة البوذية.

وفي مقال «النيويورك تايمز»، جرى الإشارة إلى أن البوذية على مدار تاريخها شاركت في أعمال عنف، حتى تاريخ طائفة الدالاي لاما الخاصة بالبوذية التبتية، تضمن أحداثًا متمثلة في هدم الأديرة، كما كانت البوذية جزءًا من العنف السياسي في تايلاند الحديثة، ويضيف المقال: «العقود الأخيرة من عهد البوذية شهدت جدلًا حول وجود إله آخر غاضب وحام، يحث علماء الدين على أن يدمروا التعاليم الكاذبة للطوائف المنافسة، وهو الأمر الذي اعتقد فيه اتباع الدالاي لاما».

يرى المقال المجتمعات البوذية متقلبة مثلها مثل أغلب المجتمعات البشرية، إلا أنه فيما يخص مسلمي الروهينجا في ميانمار، يشير إلى أن العنف الحالي ليس مسألة «دينية» في المقام الأول؛ إذ أن تاريخ ميانمار الطويل شاهد على حوادث العنف والإقصاء لأقلية الروهينجا، والعنف الحالي قد جاء نتيجة الشكل الهجين الحالي من الحكم، ووليد مرحلة التحول من الاستبداد العسكري إلى الديمقراطية، والذي نتج عنه حملات شعبية تدعو إلى إحياء التقاليد البوذية في ميانمار، وذلك لأنها مركز الهوية البورمية الحقيقية، ويجب عليهم حمايتها من التهديدات الحقيقة، والتي يعتقدون أن الإسلام واحد منها.

أدى ما سبق إلى نشوء خطاب معاد للمسلمين يتفاقم تدريجيًا بكل أنواع الاعتبارات الاجتماعية والسياسية، ويركز هذا الخطاب على فكرة واحدة، وهي أن البوذية في العالم المعاصر تتعرض للتهديد، وهي فكرة لا تتعلق فقط بتاريخ ميانمار الطويل، ولكن ببعض النصوص البوذية المكتوبة بلغة بالي، والتي يجري استخدامها لتحفيز خطابات الكراهية وتبريرها.

كيف حول «داعش» والبوذيون حياة المسلمين في سريلانكا إلى جحيم؟

The post دينهم مشهور بالمحبة والسلام.. تاريخ البوذيين مع الدماء! appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
إقرأ المزيد.. bloggeradsenseo

ثقفني اون لاين : معركة «أصحاب السبت» في إسرائيل.. هل ينتصر الشيكل على التوراة؟

يُشير مصطلح «الوضع الراهن Status Quo» في إسرائيل إلى العلاقات الرسمية بين الدين والدولة، ويصف شبكة معقدة من الترتيبات القانونية والفعلية بشأن القضايا التي تتضارب حولها الآراء، وتثير الاحتكاكات، وحتى الاشتباكات الصريحة داخل المجتمع، مثل: الزواج والطلاق والسبت (تشابات) والكشروت/الكوشير (الطعام الحلال وفق الأحكام اليهودية) والخدمات الدينية.

أصبح استخدام مفهوم «الوضع الراهن» لوصف الترتيبات المتعلقة بالدين والدولة في إسرائيل مقبولاً لدرجة أن معظم اتفاقيات التحالفات الموقعة بين الأحزاب التي شكلت حكومات إسرائيل في العقود الأخيرة، بما في ذلك حكومة بنيامين نتنياهو، تنص على تعهد بالحفاظ على «الوضع الراهن» بشأن قضايا الدين والدولة.

ولد هذا «الوضع الراهن» من رحم رسالة بعث بها ديفيد بن جوريون في عام 1947، إلى قيادة الحريديين من حزب «أغودات يسرائيل» المعارض لإقامة دولة إسرائيل، تعهد فيها بأن تضع الدولة الناشئة في الاعتبار المخاوف الدينية اليهودية المتعلقة بأربع قضايا: (1) الطعام والشراب الـ«كاشير» (أي الحلال وفق الشريعة اليهودية) (2) الأحوال الشخصية (الزواج والطلاق) (3) التعليم (4) قدسية السبت.

التمويل إسلامي والدعم إسرائيلي! سر خلطة صعود اليمين المتطرف الإسباني

تآكل «الوضع الراهن».. ولا عزاء للحريديم

رغم تعقيدات هذه القضايا، لم تتضمن الرسالة سوى التزامات عامة وغامضة فيما يتعلق بالسبت وقانون الزواج، بل لم يكن للخطاب في حد ذاته أي قيمة قانونية، حيث أنه صدر قبل إنشاء الدولة، بحسب الدكتور شوكي فريدمان في «مركز الديمقراطية الإسرائيلي». ولأن رسالة «الوضع الراهن» اكتفت بالإشارة إلى «أن يوم الراحة القانوني في الدولة اليهودية سيكون يوم السبت»، يرى البعض من خارج مجتمع الحريديم أنه لا يمكن استنتاج أي شيء مُلزِم من هذه الرسالة سواء حول طبيعة الراحة يوم السبت، أو شكل الاحتفال به.

منذ ذلك الحين، شهدت إسرائيل المئات من الصراعات حول راحة السبت، على صعيد الدولة والبلديات. وعندما أقيم احتفال بمناسبة وصول الطائرات الحربية من طراز «F-15» في عطلة السبت، كانت النتيجة هي سقوط أول حكومة لإسحاق رابين في عام 1977.

لكن «الوضع الراهن» تآكل على مر السنين؛ فأصبح 98% من دور السينما و65% من المتاحف و20% من المجمعات التجارية تفتح أبوابها في أيام السبت، وأكثر من 620 ألف شخص، 65%. منهم يهود، يشكلون 17% من العاملين في إسرائيل، يعملون في أيام السبت، بحسب القناة العاشرة الإسرائيلية، مخالفين بذلك ليس فقط التعاليم الدينية اليهودية ولكن أيضًا قانون ساعات العمل والراحة في بعض الحالات.

وتشير بيانات «دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية» إلى أن 42% ممن يعملون أيام السبت يشتغلون في مجال الضيافة والأطعمة، و30% في مجال التجارة، والباقون في مجالات الصحة والزراعة، ولا يحظى 92 ألف عامل في إسرائيل بيوم راحة أسبوعي على الإطلاق. وكشف تقرير أعده «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية»، عندما كان قانون السوق المصغرة قيد التطبيق، أن حوالي 600 ألف إسرائيلي يعملون يوم السبت، بما في ذلك 400 ألف يهودي، أي ما يعادل 13% من القوى العاملة اليهودية في إسرائيل.

Embed from Getty Images

محل تجاري في تل أبيب

على عكس بعض الافتراضات، تظهر البيانات أن الأشخاص الذين يعملون في يوم السبت ينتمون إلى جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، ويشملون ذوي الدخول المرتفعة. ينتمي عدد كبير من الأشخاص الذين يعملون يوم السبت إلى النقابات -ما يعني أنهم من بين شريحة الموظفين الأقوى في إسرائيل- إلى جانب عدد كبير من العاملين لحسابهم الخاص.

بعض هؤلاء العمال لديهم تصاريح للعمل في يوم السبت، يصدرها وزير الصناعة والتجارة والعمل. وكل المجالات لديها تصاريح عمل في يوم السبت، بما في ذلك وظائف الأمن، ورعاية الحيوان، والفنادق والضيافة، ومرافق المياه، والمطاعم، والمصانع الطبية، ومرافق رعاية كبار السن وطب الأطفال، والمعابد، والإنقاذ، ومكافحة الحرائق، والحفر، والصرف الصحي، وإنتاج الثلج.

صدرت حصة الأسد من هذه التصاريح بعد فترة وجيزة من تأسيس إسرائيل، عندما كانت الأيديولوجية المتعلقة بالمسائل الدينية أكثر اعتدالًا، بحسب ميراف أرلوسوروف في صحيفة «هآرتس». بالإضافة إلى ذلك، هناك مصانع محددة لديها تصاريح عمل خاصة، مثل: شركتي الكهرباء الإسرائيلية وفينيسيا، لأنها توفر خدمات مهمة، أو لا يمكن إيقاف تشغيل معداتها الإنتاجية.

هل تضحي إسرائيل بعشرات المليارات سنويًا؟

خلُصَت دراسة «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» إلى أن معظم الإسرائيليين الذين يعملون في يوم السبت يقومون بذلك دون تصريح. بعبارة أخرى: بطريقة غير قانونية. وبينما يحصلون على رواتب إضافية مقابل عملهم، فإن بعضهم على الأقل يعاني من ظروف عمل قاسية، ويعمل في المتوسط ​​60 ساعة أسبوعيًا. ويعمل حوالي 92 ألف شخص سبعة أيام في الأسبوع، ولا يستمتعون أبدًا بأي راحة.

هذا العدد الكبير من الإسرائيليين الذين يعملون في أيام السبت هو دليل على حجم العمل المطلوب القيام به في هذا اليوم. حيث تعتمد الصناعات بأكملها، وتحديدًا التجارة والترفيه، على استهلاك عطلة نهاية الأسبوع. تقول أرلوسوروف: في العالم المتقدم، تعوض خسارة الناتج المحلي الإجمالي الناتجة عن انقطاع روتين العمل العادي عن طريق خروج المستهلكين للترفيه. هذا بالكاد موجود في إسرائيل على نطاق مماثل، والآن يهدد السياسيون المتشددون بإنهائه تمامًا.

العمليات الاقتصادية التي تقوم بها إسرائيل في يوم السبت هائلة، ويراها الإسرائيليون العلمانيون ضرورية للإنتاج الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل، محذرة من أن التأثير على النشاط الاقتصادي في يوم السبت من المحتمل أن يكلف إسرائيل عشرات المليارات من الشيكلات.

لا توجد دراسة منظمة توضح بالتفصيل مقدار العمل الذي يقوم به الإسرائيليون في يوم السبت. لكن توجد بعض الجهود مثل خطة «المجلس الاقتصادي الوطني» لعام 2013 التي اقترحت جعل يوم الأحد يوم راحة إضافيًا. ورغم رفض الاقتراح لأنه مكلف للغاية، فقد تضمن تقديرًا لتكلفة يوم الراحة.

خلُصَ الاقتراح إلى أن يوم الراحة يعني التضحية بنسبة 2.7 إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، أو 40 مليار شيكل (11.2 مليار دولار) سنويًا. في حين أن هذا الرقم يتعلق بجعل الأحد هو يوم الراحة الأسبوعي، فإن تكلفة الراحة يوم السبت ستكون أعلى، نظرًا للاقتراحات المتعلقة بحظر كل النشاط الاقتصادي. وإذا تأثرت صناعة الترفيه في إسرائيل، فستكون ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي؛ وسيكبده خسارة سنوية قدرها 40 مليار شيكل، وفق أكثر التقديرات تحفظًا.

بغض النظر عما قد يحدث لـ«الوضع الراهن»، فإن إسرائيل تتحمل بالفعل خسائر اقتصادية كبيرة بسبب الاحتفال الوطني بيوم السبت، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الافتقار إلى وسائل النقل العام مساء الجمعة والسبت. إذ يتفق الاقتصاديون الذين يركزون على قضايا النقل على أن نقص وسائل النقل العام يزيد من اللامساواة، من خلال إلحاق الضرر بالفئات الاجتماعية والاقتصادية الأضعف التي لا تستطيع شراء سيارة، وبالتالي تجد نفسها محاصرة في هذا اليوم من الأسبوع. كما يؤثر هذا النقص على الإسرائيليين الذين يعيشون في المناطق النائية، خاصة المجتمع العربي. إنها حلقة مفرغة: محدودية وسائل النقل العام تؤدي إلى تجارة محدودة، مما يحد بدوره من الطلب على وسائل النقل العام.

ثم هناك الاستثمار الضائع في البنية التحتية العامة. ذلك لأن استثمار 150 مليار شيكل في خط سكة حديد أو خط مترو يستخدم ستة أيام فقط في الأسبوع يحد من عائد الاستثمار. في المقابل، فإن تشغيل السكك الحديدية الخفيفة أو المترو أمر مكلف، وقد لا يؤتي تشغيلها ثمارها إذا كان الطلب منخفضًا يوم السبت.

Embed from Getty Images

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو

صحيح أن هناك اتفاقًا إسرائيليًا على أن مشكلة النقل الرئيسية تظهر خلال الأسبوع، عندما تكون حركة المرور كثيفة والمواصلات العامة مثقلة بالأعباء. لكن قد تتأثر مشكلة منتصف الأسبوع في الواقع بموضوع السبت؛ حيث تجد العديد من الأسر أنه لا يوجد خيار سوى امتلاك سيارة واحدة على الأقل، بسبب نقص وسائل النقل العام في أيام السبت. وإذا كانت لديك بالفعل سيارة- غالية الثمن في إسرائيل، جزئيًا بسبب ارتفاع معدل الضريبة- فمن المؤسف أن تتركها متوقفة طوال الأسبوع.

كما لا يوجد بديل لأعمال البنية التحتية في عطلة نهاية الأسبوع. حيث يقتصر العمل في الليل على قرابة خمس ساعات في كل مرة، فإذا كنت بحاجة إلى 18 ساعة لبناء الجسر، فهذا يعني إغلاق شريان مروري رئيسي خلال ساعات الذروة.

قبل بضع سنوات، قدرت السكك الحديدية الإسرائيلية تكلفة عدم القدرة على القيام بأعمال البنية التحتية في يوم السبت، بما يشمل إغلاق شرايين المرور الرئيسية خلال ساعات الذروة في منتصف الأسبوع، أو استغراق سبعة أضعاف الفترة (يجب تقسيم ساعات العمل الـ35 يومي الجمعة والسبت إلى خمس ساعات من العمل ليلًا). وتبين أن الآثار الاقتصادية هائلة، ورغم أن السكك الحديدية لم تقدم رقمًا دقيقًا، لكن يبدو أنها تصل إلى عشرات المليارات من الشيكلات سنويًا.

ماذا يقول القانون عن العمل والراحة في يوم السبت؟

ليس لدى إسرائيل «قانون السبت»، لكن القضية منصوص عليها في ثلاثة مصادر رئيسية: قانون ساعات العمل والراحة، واللوائح البلدية، وأنظمة النقل. ورغم الإصرار على أن يوم السبت هو يوم الراحة الأسبوعي في إسرائيل، والإشارة في قانون البلديات إلى يوم السبت باعتباره تقليدًا يهوديًا، فإن بقية التشريعات ذات الصلة ذات طبيعة مجتمعية وليست دينية. وكانت المبادئ والحدود والإعفاءات التي تضمنتها مدفوعة باعتبارات المنفعة الاقتصادية أو القيمة الاجتماعية، وليس الدوافع الدينية.

وتترك شبكة القوانين التي تنظم طبيعة السبت في إسرائيل العديد من الفجوات وتسهل أحيانًا ارتكاب مخالفات. على سبيل المثال، على الرغم من أن العديد من الشركات تعمل في يوم السبت بشكل قانوني، مثل المطاعم في المدن التي يُسمح فيها بذلك، فإنها لا تستطيع توظيف اليهود في أيام السبت. بالإضافة إلى ذلك، فإن قانون ساعات العمل والراحة غير دقيق فيما يتعلق بنطاق المحظورات، حيث ينص فقط على المتاجر والمصانع وورش العمل.

تصطاد في المياه العكرة.. هكذا تحرض إسرائيل الهند على باكستان!

هل بات «الوضع الراهن» ميتًا إذًا؟

لأن السبت لم يعد منذ فترة طويلة يوم راحة، فإن «الوضع الراهن» قد مات عمليًا من فترة طويلة. والمفهوم المقبول لـ«الوضع الراهن» حاليًا هو ما يتعلق بشبكة ترتيبات تمنع النشاط الاقتصادي في يوم السبت، وهو الإطار الذي تتشبث به الأحزاب الدينية. لكن من ناحية أخرى، ما حدث خلال العقود الأولى من تأسيس الدولة بدأ في التغير في الثمانينيات، ثم تسارعت التغييرات خلال السنوات الأخيرة.

لم يعد السبت هو يوم الراحة بالشكل الذي كان عليه من قبل. صحيحٌ أن معظم الإسرائيليين لا يعملون في يوم السبت، لكن مئات الآلاف من الإسرائيليين يعملون في هذا اليوم المقدس لدى اليهود، وإن كان معظمهم بشكل غير قانوني. بل هناك قطاعات بأكملها تنشط في هذا اليوم، لا سيما في مجالات الثقافة والترفيه، وبإقرار من اللوائح البلدية.

بالإضافة إلى ذلك، يتزايد عدد الشركات والمتاجر التي تعمل بشكل غير قانوني يوم السبت. وبالتالي، فإن الغالبية العظمى من دور السينما، وأغلبية المتاحف، وحوالي نصف المؤسسات الثقافية في إسرائيل تظل مفتوحة في يوم السبت، ومعظمها إجراءات تتماشى مع اللوائح البلدية، بالإضافة إلى معظم الأندية الرياضية وحمامات السباحة. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 20% من مراكز التسوق في إسرائيل مفتوحة للعمل في يوم السبت، وهو ما يمثل حجمًا ضخمًا من التجارة.

يمكن ملاحظة وفاة «الوضع الراهن» في النقص الملحوظ في إنفاذ القوانين التي تنظم إغلاق الشركات. على المستوى الوطني، يفتقر قانون ساعات العمل والراحة إلى تطبيق متسق. والبيانات التي تقدمها وزارة الاقتصاد حول القانون لا تعكس مدى إنفاذه. وبالتالي يمكن استنتاج أنه لا يطبق على النحو الأمثل، استنادًا إلى العدد الفعلي للتقارير مقابل عدد اليهود العاملين في يوم السبت.

على المستوى المحلي، فإن التطبيق غير متسق أيضًا، حيث تختار العديد من السلطات المحلية تجاهل الجناة إما لأسباب أيديولوجية أو لاعتبارات اقتصادية، من بين أسباب أخرى.

وعدم تنفيذ قوانين السبت المحلية يجعلها بلا قيمة عمليًا. ومن الأمثلة البارزة في تل أبيب، حتى بعد أن قضت محكمة العدل العليا بضرورة العمل على تطبيق اللوائح المتعلقة بيوم السبت، أن تطبيق البلدية للقانون كان قاصرًا، وبالتالي فإن العديد من الشركات لا تزال تعمل دون عوائق.

من ناحية أخرى، ومن منظور قانوني محض، لم يتغير شيء يذكر في العقود التي تلت تأسيس الدولة. حيث لم يُعَدَّل قانون ساعات العمل والراحة، وهو الأساس الرئيسي لتنظيم يوم راحة السبت، بشكل كبير منذ سنوات. ولا يوجد تشريع يتعلق بالنقل العام. صحيح أنه على مر السنين أُقرت العديد من اللوائح المحلية التي تمنع أو تسمح بفتح الأعمال التجارية في يوم السبت، لكنها كانت قليلة ومتباعدة.

ورغم ذلك، يتمسك السياسيون المتدينون بـ«الوضع الراهن» بدلًا من فتح الباب أمام التغيير، خوفًا من أن تكلفة التغيير ستأتي بثمن سياسي باهظ.

هل تصل الأطراف الإسرائيلية إلى حل؟

يرى الدكتور فريدمان أن الوضع الحالي مأساة اجتماعية وثقافية ودينية. فبالنسبة للعديد من الإسرائيليين، يتمتع السبت بقيمة ثقافية ودينية مهمة. إنه هبة الشعب اليهودي للعالم، ويعتبره كثيرون جزءًا لا يتجزأ من التراث أو التقليد اليهودي، بالإضافة إلى الدولة اليهودية. وتُظهر الدراسات الاستقصائية أن معظم المواطنين الإسرائيليين يعتقدون أن للسبت طابعًا فريدًا عن بقية أيام الأسبوع وينبغي أن يعبر عن التقاليد والتراث اليهودي.

علاوة على ذلك، فإن عدم الاحتفال الجماعي بيوم السبت يلحق ضررًا بالغًا بأضعف أعضاء سوق العمل: فالأمهات العازبات يجبرن على العمل في اليوم الوحيد الذي يمكن أن يقضينه مع أسرهن، والعمال في قطاع الخدمات الذين يجدون أنفسهم ملزمون بالعمل في اليوم السابع، وأصحاب الأعمال الذين يواجهون الخيار القاسي بين العمل يوم السبت، أحيانًا بما يخالف إملاءات ضميرهم، أو الانهيار الاقتصادي.

وفي مقابل التحذير من الخسائر الاقتصادية يواصل اليهود المتدينون التذكير بـالتعاليم اليهودية، ومنها: «اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ». (سفر الخروج 20: 8- 10).

إن إقناع الناس من مختلف الأطياف السياسية والدينية في إسرائيل بالاتفاق على طبيعة يوم السبت أمر مستحيل من وجهة نظر «المعهد الديمقراطي الإسرائيلي»؛ نظرًا للاختلافات الكبيرة بين الحريديم وغيرهم من أفراد المجتمع اليهودي الأرثوذكسي من جهة، والعلمانيون من ناحية أخرى.

لا يرغب أي من الطرفين في تقديم حل وسط حتى للشكل الذي يريده ليوم السبت داخل الفضاء العام الإسرائيلي. فلا المعسكر الديني مستعد لتدنيس السبت، ولا المعسكر العلماني مستعد لقبول أي قيود دينية على المساحة العامة الإسرائيلية.

لذلك تبقى المعركة مستعرة، والسؤال قائمًا: أيهما سيربح في نهاية المطاف الشيكل أم التوراة؟ صحيحٌ أن الوضع الفعلي على الأرض يرجح إحدى الإجابتين، لكن الكلمة الأخيرة لم تُقل بعد.

كيف يمكن أن يدمر «المد السلفي» إسرائيل ذاتيًّا؟

The post معركة «أصحاب السبت» في إسرائيل.. هل ينتصر الشيكل على التوراة؟ appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
إقرأ المزيد.. bloggeradsenseo

ثقفني اون لاين : تشعر بالمرض ولا تثق في «فتي» من حولك؟ إليك 5 من أبرز المواقع الطبية العربية

بمجرد شعورك بالمرض أو بعض الآلام، قد تجد من حولك يُمطرونك بسيل من النصائح؛ أحدهم يشخّص المرض، وآخر يصف العلاج الطبيعي أو الكيميائي بالدواء أو الأعشاب؛ «ضع كمادات ساخنة أو باردة»، «لا بد من مشروبات ساخنة أو أعشاب فلان»، وهكذا فالكل -من غير المتخصصين في الطب- قد «يفتون» بثقة بنصائح قد تحمل مع حسن النية نتائج عكسية تضر المريض أكثر مما تفيده.

ولذلك إذا ما شعرت بالمرض وتحتاج لمعرفة ما يدور بك قبل زيارة الطبيب أو بعده، فلا تُصغ كثيرًا لأصوات غير المتخصصين، ويمكنك اللجوء إلى خمسة من أفضل المواقع الإلكترونية الطبية الناطقة بالعربية، والتي توفر استشارات وخدمات طبية مجانية، قد لا تُغنيك في النهاية عن زيارة الطبيب، ولكنها تمنحك معرفة وثقافة طبية مبدئية، تتضمن أسباب بعض الأمراض وأعراضها وطرق الوقاية منها، مع بعض العلاجات المبسطة التي تحتاجها مع الوعكات الصحية الخفيفة التي قد تصيبك.

1-«مايو كلينيك».. المستشفى الأفضل في أمريكا بين يديك

يفيد موقع «مايو كلينيك» بأن ذلك المستشفى الأمريكي، هو الأفضل في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام، وفقًا لتصيف تقرير «يو إس نيوز وورلد» لأفضل المستشفيات في أمريكا، وقد حصل المستشفى على المركز الأول في العديد من التخصصات المهمة، ومن أبرزها: علاج مرض السكري والغدد الصماء، وطب الجهاز الهضمي وجراحة الجهاز الهضمي، وطب الشيخوخة، والطب النسائي، وطب الكُلى، وطب الجهاز العصبي، وجراحة الجهاز العصبي.

ولموقع المستشفى نسخة عربية ثرية بالمعلومات الطبية الدسمة في أهم الفروع الطبية من الألف إلى الياء؛ إذ يوفر الموقع قائمة بالحروف الأبجدية العربية من أولها لآخرها لأسماء الأمراض التي قد يعاني منها الإنسان.

فعندما تشعر بالمرض وأنت جالس في المنزل، تستطيع فتح هذا الكنز المعلوماتي بنقرة زر؛ لتجد تفاصيل أكثر بشأن المرض، بنظرة عامة له، والحديث أكثر عن أسباب المرض، والأعراض التي قد تصاحبه وأنواعها، وعلامات الخطر، والمضاعفات وطرق الوقاية، وأساليب العلاج، ويجيب الموقع أيضًا عن سؤال مهم، مفاده «متى تحتاج إلى زيارة الطبيب؟» فبعدما يوفر أحيانًا بعض العلاجات المبدئية يظهر لك بعض الأعراض التي بظهورها، أو استمرارها، أو تضخمها يتوجب عليك زيارة الطبيب.

العادة السرية تسبب ضعف البصر واحلق شاربك لينمو.. أساطير طبية خاطئة نشأنا عليها

2-«الطبي».. تواصل مع 10 آلاف طبيب عربي

 

«نهدف لأن نكون المرجع الأول للباحث عن المعلومة الصحية والطبية، من خلال تعزيز مستوى المعرفة الصحية ورفعها، وصولًا إلى تحقيق أكبر أثر على مستوى الوطن العربي».

هكذا يهدف موقع «الطبي» العربي، الذي يرى نفسه «المنصة الطبية العربية الأكبر التي تُعنى بتقديم المحتوى الطبي الموثوق، بأقلام 10 آلاف طبيب معتمد للقارئ العربي» ويفيد بأنه يقدم 1.5 مليون صفحة طبية للقارئ العربي.

ويوفر الموقع خدمات طبية تفاعلية، من أبرزها: «تحدث مع الطبيب» وهي خدمة توفر للمريض إمكانية التواصل الهاتفي المباشر مع الطبيب في خدمة مجانية لمدة 24 ساعة فقط من تاريخ الاشتراك، ثم بعد ذلك تتحول إلى خدمة مدفوعة.

ومن الخدمات التفاعلية أيضًا التي يوفرها الموقع خدمة «اسأل»، والتي تمنح المريض إمكانية توجيه سؤال عام إلى الطبيب ليجيب عنه خلال يومين، وينشر الموقع الإجابة في قسم «الأسئلة والأجوبة» لتعم الفائدة بشكل أكبر، وبمجرد دخولك يكتب لك «اكتب سؤالك واستفسارك إلى الأطباء» ليوفر إمكانية الاتصال الهاتفي أو السؤال الإلكتروني، أو البحث العام على الموضوعات الطبية.

ويوفر الموقع أقسامًا معرفية متنوعة ومختلفة تتضمن مقالات متخصصة، ونصائح مكتوبة ومصورة، و«قاموسًا طبيًّا» يضم أكثر من 45 ألف مصطلح طبي، و«موسوعة أدوية» تضم أكثر من 12 ألف دواء منتشر في الأسواق العربية واستخداماته وآثاره الجانبية.

3- «عيادتي».. مع الطبيب بالصوت والصورة

تقدم منصة «عيادتي» خدمات مختلفة في تفاعلها مع الجمهور المحلي المصري؛ إذ يوفر الموقع المصري خاصية البحث بالمرض أو العرض؛ إذا شعرت بأعراض معينة تصيب جسدك، أو أردت التعرف أكثر إلى مرض ما تخشاه أو تعاني منه، أو يعاني منه أحد معارفك، وتجد بعض الملل في القراءة، وتستمتع أكثر بمشاهدة فيديوهات من أطباء محليين.

يمكنك البحث على «عيادتي» لتجد مقاطع فيديو مصورة يحكي فيها عشرات الأطباء عن الحالات المرضية الشائعة، في تخصصات مختلفة، مثل: الأسنان، وأمراض السكري، وضغط الدم، وأمراض العقم والذكورة، والأطفال، والولادة والحمل، وجراحة العظام، والمخ والأعصاب، وغيرها من التخصصات الطبية المختلفة.

ويتحدث الأطباء في موضوعات معينة في فيديوهات موجزة، لا تتعدى عادةً الست دقائق، مزودة بصور ورسوم توضيحية جرافيكية تساعدك أكثر على فهم طبيعة المرض وأعراضه، وطرق تشخصيه، والنصائح التي يقدمها لعلاجه، أما إذا تطلب الأمر الذهاب إلى طبيب فيوفر الموقع أيضًا إمكانية الحجز الإلكتروني، بعرض المواعيد المتاحة وسعر الكشف لدى الطبيب في عدة محافظات مصرية.

4- «الكونسلتو».. صحتك بالأرقام

مثلما يوفر «الطبي» استشارة مجانية خلال يوم فقط واحد من اشتراكك، يوفر موقع «الكونسلتو» خدمة «اسأل الطبيب»، والتي تسمح للمريض بإرسال شكوته إلى الطبيب ليرد مجانًا خلال 24 ساعة، ولكن مع ملاحظة مهمة ذكرها الموقع مفادها «جميع المعلومات والنصائح والاستشارات الواردة بالموقع هدفها التوعية الصحية، ولا تغني عن زيارة الطبيب».

وإذا كنت من محبي الاطلاع على أرقام ذات دلالة تلخص الكثير بشأن صحتك، فإن أحد أبرز ما يُميز موقع «الكونسلتو» هو توفير عدادات وأرقام مختلفة بشأن صحتك؛ إذ يوفر الموقع «حاسبة للوزن المثالي» تحدد فيها سنك، وطولك، وعمرك، ليحدد طبيعة وزنك وفقًا لمؤشر كتلة الجسم، وما تحتاجه من زيادة الوزن أو إنقاصه ليكون في المعدل الطبيعي.

ويوفر الموقع أيضًا حاسبة السعرات الحرارية التي تدخل خلالها البيانات سالفة الذكر، مضاف إليها النشاط البدني لحساب سعراته الحرارية، بالإضافة إلى حسابات مرتبطة بالمرأة أكثر مثل حاسبة مراحل الحمل، ومراحل تطور الجنين، ومتابعة الدورة الشهرية. ويوفر الموقع أيضًا أخبارًا وموادًا إعلامية صحية مختلفة من شأنها زيادة وعيك بالأمور الصحية، لتحافظ على صحتك بشكل أفضل.

5- خدمات متنوعة من «كل يوم معلومة طبية»

جمع موقع «كل يوم معلومة طبية» بين العديد من الخدمات التي تقدمها المواقع الأربعة سالفة الذكر؛ فلديه محركات بحث بالحروف من الألف إلى الياء، ومن A إلى Z، لأبرز الأمراض التي يمكن أن يُعاني منها الإنسان، ويمتلك الموقع أيضًا مساحة للتقارير والأخبار الطبية التي يستعين بها من مصادر أجنبية.

ويقدم الموقع أيضًا خدمة استشارات بطرح المرضى أسئلة ليرد عليها فريق استشارات الموقع باستشارات مطولة وتفصيلية نسبيًّا، وأحد أبرز ما يميز الموقع هو تقديمه مقاطع فيديو طبية متخصصة ليست على لسان أطباء، وإنما فيديوهات جرافيكية توضحية سريعة في عدة مجالات منها: الصحة العامة، والصحة النفسية، والحمية والتغذية، وصحة المرأة وصحة الطفل.

مترجم: الذكاء ليس بالأرقام.. 26 مهمة بسيطة تجعلك أكثر ذكاء إذا طبقتها يوميًا

The post تشعر بالمرض ولا تثق في «فتي» من حولك؟ إليك 5 من أبرز المواقع الطبية العربية appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
إقرأ المزيد.. bloggeradsenseo

الخميس، 30 مايو 2019

ثقفني اون لاين : 8 سلوكيات شائعة تؤذي الأمهات بها أطفالهن دون أن تشعرن

يوجد فرق جوهري بين مفهوم التربية والرعاية؛ فالرعاية تتضمن مسؤولية توفير المأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن، والراحة المادية لمن ترعاه، وهي مسؤولية يمكن أن يقوم بها أي خادم أو مقدم رعاية. أما التربية؛ فتعني إجراء تعديل في السلوكيات، وتزكية الصفات الحميدة، ومحاولة تنمية القدرات والمهارات لدى الأطفال، وهي المهمة التي تتطلب جهدًا شاقًا، وعلم مسبق بكيفية تربية الأطفال.

لذلك يجب أن يكون لدى الأزواج فكرة مسبقة عن سيكولوجية الأطفال، وطرق تربيتهم، حتى قبل أن يُرزقوا بهم. ومما لا شك فيه أن الأمهات يبذلن جهدًا كبيرًا في تربية أبنائهن، ومع ذلك تشكو كثير من الأمهات عدم قدرتهن على التواصل مع أبنائهن، أو القدرة على تربيتهم، وتوصيل المفاهيم الصحيحة لهم. ولذلك؛ لا بد من معرفة الوسائل التي تساعدهن على التربية الصحيحة.

في السطور التالية نتناول بعض السلوكيات الشائعة التي تتبعها الأمهات وأيضًا الآباء في تربية أطفالهن، دون أن يدركوا أضرارها المؤذية عليهم، وبعض البدائل المقترحة لاتباعها بدلًا عنها.

1. عدم مراعاة ضوابط العقاب

يقول د. ياسر نصر، مدرس الأمراض النفسية والاستشاري التربوي، في كتابه «25 خطأً وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال»، أن على المربي ألا يستخدم يده إطلاقًا مع الطفل، إذا كان في حالة انفعال أو ضغط عصبي، وأن الأم التي تضرب ابنها هي أم فشلت فشلًا ذريعًا بكل المقاييس في قضية التربية. إذ يجب أن تكون عملية التربية نظيفة دون ضرب، وإهانة، وإذلال، ومقارنة، وتوبيخ. وينبغي على الآباء توضيح الثواب والعقاب لكل فعل للطفل قبل الخطأ وليس بعده، بمعنى أنه على الآباء والأمهات وضع نظام معين للطفل، وتوضيح إذا فعلت هذا الأمر سوف تُكافأ، وإذا فعلت هذا سوف تُعاقب.

في البداية، ستجد الطفل يفعل الخطأ، ولكن هذا لا يعني الفشل في التعامل مع الطفل، وإنما المسألة تحتاج إلى الصبر؛ لأن الطفل في هذه المرحلة يختبر قوة النظام الذي وضعه له أبواه، وهل سوف يُطبق أم لا؟ مثال: عندما تقول أم لطفلها إذا تأخرت مع أصدقائك في النادي حتى الساعة التاسعة لن تذهب للنادي المرة القادمة، فإذا تأخر عليها تطبيق العقاب وعدم التهاون أو الضعف أمام استعطاف الولد لها؛ حتى يتعلم الدرس ولا يتأخر في المرة التالية.

ولا بد من وجود ضوابط للعقاب، مثل أن يكون العقاب على قدر الخطأ، ولا بد أن يكون هناك تدرج في العقاب من الأقل إلى الأشد، إلى جانب ضرورة عدم تثبيت سياسة دائمة في التعامل مع الأطفال، فلا يكون العقاب بالضرب على سبيل المثال هو الوسيلة المتبعة دومًا في العقاب، وأن يتجنب المربي وقت انفعاله وتراكم الضغوط عليه؛ حتى لا يُفرغ ضيقه في أولاده.

أما بالنسبة للعقاب البدني، فعند العقاب بالضرب يجب أن يكون هذا الخيار آخر ما يلجأ إليه الأبوان، ويجب ألا يُضرب الطفل أبدًا من المرة الأولى التي يرتكب فيها خطأً ما، وإنما يُعطى فرصة أخرى وندعه يعتذر عن خطئه. كذلك يجب ألا يُضرب الطفل قبل سن 10 سنوات، ويجب عدم ضرب الطفل على الوجه أو الرأس. بالإضافة إلى ذلك ينبغي أن يكون الضرب غير شديد، وألا يُضرب الطفل أمام الآخرين أبدًا؛ فلا يُضرب أمام أخواله، أو أعمامه، أو إخوته، أو في الشارع.

بكاء طفلك يدفعك للجنون؟ هذه النصائح قد تفيدك في التعامل مع الأمر

2. التسلط وفرض الأوامر طوال الوقت

تستخدم بعض الأمهات أسلوب التسلط مع أولادها؛ فتطلب منهم تنفيذ كل ما تقوله لهم بالحرف. ومن الأخطاء الشائعة أيضًا، فرض الأوامر طوال اليوم على الطفل، والذي ينبع من فكرة السلطة والدكتاتورية التي تعتقد الأمهات أنهن يملكنها لمجرد كونهن الكبار اللاتي يجب سماع وطاعة أوامرهن؛ فتجد الأم تصدر الأوامر للطفل دون أن يتركن له حرية الاختيار. وتكون النتيجة أن يتظاهر الطفل بعدم سماع شيء مما تقوله والدته، ولا يستجيب لها من أول مرة، وهنا تشتكي الأم بأنها تقول لطفلها الشيء 100 مرة حتى يفعله، وبعض الأمهات يقلن: «ابني لا يستجيب إلا بالضرب».

ومما لا شك فيه أن هناك بعض المواقف التي تستدعي إصدار الأوامر للطفل، ولكن يجب على الآباء ترك مساحة للطفل تتيح له حرية الاختيار، والاعتماد على نفسه في بعض الأمور، حتى يشعر بذاته وتتبلور شخصيته؛ فلا بد أن يترك الآباء والأمهات أطفالهم الفرصة لخوض التجارب مع مراقبتهم من بعيد، فإذا أحس المربي بوجوب تدخله؛ يتدخل لمساعدة الطفل بطريقة لا تزعج الطفل. وينبغي على الأمهات تعليم أولادهن كيف يأكلون ويلبسون بمفردهم، ويجب أن يلعب الطفل على طريقته، ويأكل عندما يجوع، حتى لو كان يوقع طعامه، فيجب أن يعتمد على نفسه، وسوف يتعلم فيما بعد أن يأكل بالطريقة الصحيحة.

3. التدليل المفرط

يتبع الأمهات والآباء أسلوب التدليل غالبًا مع الطفل الأول، أو الطفل الأوحد، أو الطفل الذي أنجب بعد طول انتظار. ولكن على الأم أن تدرك أن التدليل الزائد ينتج عنه طفل اعتمادي غير قادر على تحمل المسؤولية، بالإضافة إلى كونه غير ناضج اجتماعيًا، وغير قادر على التعامل مع الآخرين؛ لشعوره أنه أكثر أهمية وذو قيمة عنهم.

كذلك يُعاني الطفل المدلل من مشكلات نفسية بعد قدوم مولود جديد لوالديه؛ لأنه سوف ينافسه في دائرة الاهتمام، ويشغل والديه عن الاهتمام به وحده. وقد يرفض الطفل المدلل الذهاب للمدرسة؛ لأنه لا يجد بها نفس المعاملة التي اعتاد أن يُعامل بها، بل قد تُلقي الأم التي لا تشعر بأنها تفرط في تدليل طفلها اللوم على المدرسة قائلة: «إن المعلمات لا يراعين نفسية الطفل»؛ وينتج عن هذا انتقال الطفل من مدرسة لأخرى باستمرار.

4. الحماية الزائدة

الخوف المبالغ من بعض الأمهات على أطفالهن، الذي يجعل أولادهن أشبه بالطير المحبوس في قفص، من السلوكيات الشائعة في التربية الخاطئة؛ فنجد أنه باسم الحماية والخوف الزائد يُمنع الابن أو الابنة حتى سن 10 أو 15 عامًا من نزول الشارع؛ حتى يصير شابًا دون أن يستطيع أن يشتري لنفسه ملابس، أو حذاء، أو يذهب للمدرسة بمفرده.

ويجب على الأم أن تُدرك أن الحماية الزائدة عن حدها تؤدي إلى كثير من المشاكل، التي منها: الخوف من تحمل المسؤولية، وعدم الثقة بالنفس، وعدم القدرة على اتخاذ القرار، والإحباط عند مواجهة المشكلات، والاعتماد على الغير دائمًا. ولذلك؛ ينبغي على الأمهات منح أولادهن حرية اللعب، والحركة، والسقوط، والشجار؛ حتى تتسنى لهم فرصة التعلم من التجربة والتفاعل.

فضلًا عن ذلك، تعتبر كثير من الأمهات أن طفلها ما زال صغيرًا؛ وبالتالي لن يستطيع تحمل المسؤولية وإبداء الرأي؛ فتجد الأم هي من تتولى تحديد نظام حياة الطفل، مثل تحديد وقت اللعب، ومواعيد الطعام، ومواعيد الدروس، ومشاهدة التلفاز، وغيرها؛ مما يعد خطأً تربويًا فادحًا يجعل الأطفال مثل السيارة التي لا تسير إلا بالدفع.

والعجيب في الأمر أن تجد كثير من الأمهات يشتكين من أنهن أصبحن أكثر عصبية وتوترًا بعد الإنجاب، ولا يُدركن أنهن من فعلن ذلك بأنفسهن؛ فقد شغلت الأم نفسها بكثير من الأشياء، وبدأت بفرض القواعد التي لا تُرضي أولادها؛ لأنها لم تعطهم الفرصة كي يساعدوها في وضع تلك القواعد.

وللتغلب على ذلك لا مانع أن تقول الأم لطفلها: هل ستلعب أم تشاهد التلفاز؟ هل تذاكر أم تأكل؟ وستجد الطفل يفعل الشيئين سواء بدأ بالمذاكرة أو بالأكل؛ فدائمًا أعطي لابنك البدائل، واجعليه هو من يختار ما يريد. ولا ينبغي أن تُلزم الأم ابنها بعمل شيء معين في الحال، بل تعطيه الفرصة والمساحة في الاختيار؛ لأن هذا يُحدث اختلافًا كبيرًا في تركيبة شخصيته.

5. التناقض والازدواجية

يشعر بعض الآباء أنهم مميزون عن أطفالهم الصغار في بعض التصرفات، لكن الأخلاق والقيم لا يمكن تجزئتها، وإذا سمح أحد الوالدين لنفسه برفع صوته، أو التعصب، أو التلفظ بلفظ غير مسموح، فلا يمكنه الطلب من أطفاله عدم القيام بذلك.

على سبيل المثال، هناك آباء يخطئون بلا مبرر، ويعلو صوتهم، ويتلفظون بألفاظ نابية، ويتعدون بالضرب على أبنائهم، ثم تأتي الأم لتقول لأبنائها أنه لابد لهم من احترام والدهم؛ فكيف تطلب منهم احترام أبيهم وهو مخطىء؟ وبدلًا عن ذلك يمكن القول إن الأب قد أخطأ في أمر ما، ويعتذر الوالد عن الموقف الذي أخطأ فيه، حتى لا يترك أبناءه في حيرة من أمرهم، ويتعلمون منه ثقافة الاعتذار والاعتراف بالخطأ.

عندما يتحدث الآباء عن الأخلاق والقيم وغيرها من المُثل العليا أمام أبنائهم، في حين يكونون أبعد ما يكون عن تلك القيم، ويظهر عليهم التناقض والازدواجية من قيمة لأخرى، ومن موقف تربوي لآخر؛ يؤثر ذلك على تفكير الطفل ويحدث لديه نوع من الاختلاط والتشتت؛ ويصبح عاجزًا عن فهم لماذا يُحرم من أشياء يفعلها والداه، وغير قادر على التمييز بين الصحيح والخاطئ.

يحتاج الآباء إلى تحمل مسؤولية التحكم في أعصابهم، والتعامل مع أولادهم بهدوء وصبر، وأن يكونوا قدوة لأولادهم في كل ما يفعلونه؛ إذ إن التناقض والازدواجية يُفقدان الأبناء الثقة في آبائهم وأمهاتهم، وأيضًا يفقدون الثقة في آرائهم وطريقة توجيههم.

6. عدم مراعاة الفروق الفردية والمقارنة غير العادلة

ينبغي على الأمهات والآباء إدراك وجود فروق فردية بين الأبناء، والتي ستبقى مختلفة ومتغيرة بينهم، ولا يجب أبدًا المقارنة بينها لأننا نقارن قدرات، واهتمامات، ومهارات مختلفة. وتزرع هذه المقارنة، التي يظن أغلب الآباء أنها تُحفز أبناءهم نحو الأفضل، المرارة في نفس الطفل نتيجة إحساسه بالعجز، وعدم قدرته على تحقيق ما يحققه غيره الذي يُقارن به.

وتقول الدكتورة كلير فهيم في كتاب «الحب والصحة النفسية لأبنائنا»: «إن الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الوالدان، والذي يعد من أهم الأخطاء التربوية التي تؤدي إلى انحراف سلوك الأطفال، هو مقارنة الأطفال ببعضهم البعض، ولاسيما حين يكون هناك فرق واضح بين طفلين في نواح معينة، أو كان أحدهما يتمتع بنواح خاصة؛ فإن هذه المقارنة تخلق الغيرة بين الأطفال. والغيرة شعور مؤلم يجعل صاحبه قلقًا أنانيًا لا يستريح لنجاح غيره، ويميل أحيانًا إلى الانزواء والانطواء، أو إلى الهجوم والتشاجر، والإيقاع بغيره».

وبالإضافة إلى ذلك، يشعر الطفل أنه مظلوم مضطرب، وأن الناس يعملون ضده؛ ويجعله هذا قلقًا كثير الشك فيمن حوله، ويكون الأساس في الغيرة في أغلب الأحيان هو القلق، والخوف، وضعف الثقة بالنفس. وقد تبدو هذه المظاهر على الأطفال بطريقة مُقنّعة، فترى الطفل يصب غضبه وغيرته خلال لعبه بعروسة يُسميها باسم أخيه، أو أخته الصغرى التي تُثير غيرته. وإذا لم يستطع الطفل أن يُعبر عن نفسه بهذه التعبيرات؛ فربما يتجه للكذب، أو الرغي بدون سبب، أو تجاهل الآخرين، وخاصة الأفراد الذين يُثيرون غيرته، أو محاولة لفت الأنظار إليه بالتمارض.

«أبقِ أطفالك مشغولين بالتعلم وأنجز مهامك».. هذه التطبيقات تساعدك على ذلك

يجب على الآباء والأمهات الإقلاع عن المقارنات الصريحة، واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعدادتها ومزاياها الخاصة بها؛ فإذا نجح طفل في عمل ما ينبغي أن نشجعه ولا نقارنه بغيره. ومهما تعرض الطفل للفشل، فإن هناك دومًا جانبًا طيبًا يمكن كشفه وإبرازه والاعتزاز به؛ وبذلك يمكن أن يختفي الشعور بالخيبة المؤدي للشعور بالذلة والنقص. كذلك، يمكن المقارنة بين الطفل ونفسه في أوقات مختلفة؛ فإن تقدم في وقت ما عما كان عليه في وقت سابق؛ فهذا كاف لتشجيعه.

7. عدم التدرج في التعامل مع الطفل

التدرج في تعديل السلوك أمر يناسب الطبيعة البشرية، التي يصعب عليها التخلي فجأة عما اعتادته من سلوكيات وأنماط. مع ذلك، هناك العديد من الأمهات والآباء الذين لا يتدرجون إطلاقًا في التعامل مع الطفل. وتقع كثير من الأمهات في خطأ شائع، ألا وهو التعامل مع الطفل بنفس الأسلوب خلال مراحل عمره المختلفة، وهنا يجب أن يُدرك كل من الوالدين أن الطفل ينبغي أن يحظى بمعاملة تتناسب مع سنه؛ فالطفل الذي يبلغ سنتين يختلف عن الطفل الذي يبلغ أربع سنوات.

يحتاج الأمر إلى نوع من التدرج في المعاملة، وأن يُعامل كل طفل على قدر سنه. على سبيل المثال، لا يصح أن نتعامل مع ظاهرة التبول اللا إرادي لدى طفل يبلغ سنتين، بنفس الطريقة عند طفل يبلغ خمس سنوات. الطفل في عمر السنتين من الطبيعي جدًا أن يتبول لا إراديًا ولا يجب معاقبته على ذلك، أو القلق من الأمر، بينما في سن خمس سنوات، يجب أن نتوقف مع تلك المشكلة والبحث وراء أسبابها، التي قد تكون نفسية أو عضوية.

8. الإهانة والتحقير

هناك بعض الأمهات اللاتي يصرخن في أطفالهن، وينهالون عليهم بوابل من الألفاظ والعبارات المهينة بسبب أو بدون. ويُحدث هذا الصراخ نوعًا من الربط السلبي لدى الطفل؛ فيظل الطفل متأثرًا بذلك طوال عمره؛ ويقتل هذا النوع من التحقير وغيره من أشكال الإهانة نمو الطفل النفسي السوي بدرجة كبيرة.

يجب على الأمهات احترام أولادهم، ومنحهم ثقة بأنفسهم وأن يُشعروهم بقدرهم، فعندما يصف الأب أو الأم طفله بأوصاف مهينة؛ سوف تظل هذه الصفات عالقة في ذهن الطفل بشكل سيئ، وتؤثر لاحقًا على ثقته بنفسه عندما يكبر. لذلك ينبغي على الآباء التخلي عن قاموس الشتائم اليومي الذي يصبونه على أطفالهم، وإدراك أن أطفالهم لن يحترموا ذاتهم ويقدرون أنفسهم، إلا عندما يحترمهم ويقدرهم والداهم أولًا.

ومن الضروري على الأمهات والآباء فهم ومراعاة نفسية أطفالهم، والإعلاء من شأنهم وإعلامهم بأنهم كيان محترم لا يُمس حتى إذا أخطأوا. وبدلًا عن إهانة الطفل وتحقيره بوابل من السُباب إذا أخطأ، يُمكن معاقبته بالحرمان من الخروج أو التلفاز أو الحاسوب. وبدلًا عن أن تُعنف الأم طفلها عندما يتأخر في لباسه، عليها أن تفرح عندما تجده يُلبس نفسه، وتُشجعه على الاعتماد على نفسه تدريجيًا.

علاوة على ذلك، على الأم أن تُدرك أن الطفل إذا عاند في أمر ما، فهو يُعلن أن لديه شخصية متفردة بذاتها. ويُلاحظ أن الكثير من الآباء والأمهات يتعاملون بهذا الأسلوب الخاطىء مع الطفل الأول، أما مع الطفل الثاني فيتجاوزون عن كثير من أخطائه؛ لهذا نجد الطفل الثاني أكثر تميزًا ولفتًا للانتباه من الطفل الأول.

من المهد حتى المراهقة.. دليل التربية الجنسية المناسبة للمجتمعات العربية

The post 8 سلوكيات شائعة تؤذي الأمهات بها أطفالهن دون أن تشعرن appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
إقرأ المزيد.. bloggeradsenseo

ثقفني اون لاين : بعد إلغاء الانتخابات الرئاسية في الجزائر.. هل يخضع الجيش أخيرًا للحل السياسي؟

بعد إلغاء الانتخابات الرئاسية في الجزائر، والتي كان من المزمع إجراؤها في الرابع من يوليو (تموز) بسبب انسحاب جميع المرشّحين، وفي ظلّ استمرار الحراك الشعبي لأسبوعه الخامس عشر، تجد السلطة نفسها أمام مأزق عميق، إذ إنّ قيادة الأركان التي تصدّرت للواجهة في المرحلة التي تلت استقالة الرئيس بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، كانت تؤكدّ على ضرورة إجراء الانتخابات والبقاء في الإطار الدستوري، إلاّ أن رفض الشارع لهذه الانتخابات قد يعني رسميًا الخروج على الإطار الدستوري والانتقال إلى الحلول السياسيّة، التي كانت المؤسسة العسكرية متحفّظة عليها في بياناتها.

ومع الرفض الشعبي الشديد الذي يُقابل به كلّ من الرئيس المؤقّت بن صالح والوزير الأوّل بدوي باعتبارهما وجهيْن من وجوه نظام بوتفليقة، فإن القناة الوحيدة التي تتواصل بها السلطة مع المتظاهرين هي رسائل قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح. ومع اقتراب موعد الرابع من يوليو الذي أعلنت السلطة أنه موعد الانتخابات الرئاسية، وتأكد السلطة من استحالة إجرائها بحُكم غياب المرشّحين، شهد خطاب قايد صالح تغيّرًا تدريجيًا، بدأً بالتركيز على ضرورة إنشاء «الهيئة العليا للتنظيم والإشراف على الانتخابات» ثم تأكيده على مبدأ الحوار والتنازلات المشتركة في رسالته يوم الثلاثاء.

سقطت الانتخابات.. هل حان وقت الحوار؟

يبدو أن شهر العسل بين قيادة المؤسسة العسكرية والشارع الجزائري قد انتهى، وذلك بسبب تمسّك قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح في كلّ خطاباته بالحلّ الدستوري المتمثّل في انتخابات الرابع من يوليو رغم استمرار المسيرات الشعبيّة الرافضة لها في ظلّ بقاء أوجه النظام القديم في مناصبهم، وهو ما جعل الشعارات المرفوعة في الاحتجاجات تتوجّه ضد الحكم العسكري وصوب قائد الاركان نفسه، باعتبار أنّه يرفض الاستماع إلى مطالب المحتجّين ويتمسّك بإجراءات قانونيّة ودستورية مرفوضة في الشارع، إذ إن المتظاهرين يرون أن انتخابات تُشرف عليها الحكومة التي عيّنها بوتفليقة لا تخضع لشروط النزاهة والحياديّة اللازمة، وتبقى عُرضة للتزوير، خصوصًا مع غياب إصلاحات لقوانين الانتخابات ومراجعة القوائم الانتخابية وعدم تفعيل «اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات» التي تطالب بها المعارضة.

شاهد: المتظاهرون في العاصمة يردّدون «دولة مدنية، ماشي عسكرية»

بالإضافة إلى وجود معتقلين سياسيين في السجون ومعارضين ممنوعين من دخول الجزائر، وبالتالي فإن الشروط -حسب المتظاهرين- غير متوفّرة لإجراء انتخابات في الظروف الحالية، كما أنّ هناك سياسيين معترضون على التوجه للانتخابات بهذه السرعة، إذ يرون أن ذلك سيعني إعادة إنتاج النظام نفسه الذي ما تزال شبكاته القاعديّة منظّمة ومتواجدة في كلّ المحافظات والبلديات والإدارات، وأنّ التأسيس لنظام جديد يتطلّب توافقًا واسعًا بين الفاعلين في الساحة السياسية وحوارًا موسّعًا قبل التوجّه إلى ساحة التنافس السياسي.

لكن بعض المحلّلين السياسيين يرون أن المؤسسة العسكرية لم تكن مُقتنعة تمامًا بانتخابات الرابع من يوليو، بل لجأت إلى التمسّك بالدستور والتأكيد على احترام مواده الاجرائيّة بعد تفعيل المادة 102 التي تنصّ على إجراء انتخابات رئاسيّة في حدود 90 يومًا، من أجل البقاء في الإطار الشرعيّ -ولو شكليًّا- .

فأعلنت إجراء هذه الانتخابات في آجالها المحدّدة دستوريًا؛ رغم الغضب الشعبيّ والمسيرات الرافضة لهذه الانتخابات بسبب تسيير وجوه النظام القديم لها، وتأكيد المتظاهرين على مطلب رحيل الباءات الثلاث (بن صالح، بدوي، بوشارب)، وذلك من أجل أن تنفي على نفسها تُهمة «الانقلاب العسكري» والخروج على الإطار الدستوري الذي قد يسبّب لها مشاكل على المستوى الخارجي.

لكن السلطة في قرارة نفسها كانت تعلم أنه لا مجال لإنجاح هذه الانتخابات وسط هذا الغضب الشعبي، وبالتالي أرادت إلغاءها أو تأجيلها عبر الطرق القانونيّة، وذلك ما تحقّق بالفعل بعد أن انسحب جميع المرشّحين من الانتخابات وإعلان الأحزاب والشخصيات السياسية مقاطعتها لهذا الاستحقاق الانتخابي.

أحمد طالب الإبراهيمي.. سر تأييد الشارع الجزائري له ليصبح الرجل الأول

اللجنة العليا للانتخابات.. مناورة جديدة أم طريق الحل؟

وبعد أن تأكّد رسميًا استحالة إقامة الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدّد لغياب المرشّحين، تغيّر خطاب السلطة الذي كان يركّز في السابق على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها خوفًا من الفراغ الدستوري، إذ أصبح الخطاب الجديد يركّز على «الهيئة المستقلّة لتنظيم والإشراف على الانتخابات»، وهو ما جاء في خطاب الفريق أحمد قايد صالح في زيارته إلى ورقلة، عندما قال: «إجراء الانتخابات الرئاسية يضع حدًا لمن يحاول إطالة هذه الأزمة، والأكيد أن الخطوة الأساسية في هذا الشأن تتمثل في ضرورة الإسراع في تشكيل الهيئة المستقلة للتنظيم والإشراف على الانتخابات».

Embed from Getty Images

وقد انخرط الإعلام الرسميّ في مسعى التسويق لهذا التوجّه الجديد، إذ تحوّلت برامج القنوات التلفزيونية القريبة من السلطة إلى التركيز حول نقاشات تشكيل هذه اللجنة وطُرق اختيار أعضائها والشخصيات التي قد ترأسها وباقي التفاصيل التقنية لعملها.

وقد حملت رسالة الفريق قايد صالح يوم 28 مايو (أيار) توجّهًا جديدًا متمثّلاً في تأكيده على ضرورة الحوار، وهي سابقة في خطاب قائد الأركان، إذ كانت المؤسسة العسكرية ترفض مبدأ الحوار فيما سبق، وترى أنّها في معزل عن هذا المُقترح باعتبارها «لا تتدخّل في السياسة». ففي خطاب له، أكد قايد صالح أنّ الحوار ينبغي أن يكون مع مؤسسات الدولة، وأن المؤسسة العسكرية «لن تكون طرفًا في هذا الحوار المرغوب»، وبالتالي يجد الحراك نفسه بين نارين: سلطة شكليّة ممثّلة في رئيس مؤقّت وحكومة مرفوضون شعبيًّا يطالب الشارع برحيلهم الفوريّ ومقاطعة أي حوار معهم، وسلطة فعليّة ممثلة في مؤسّسة عسكريّة ترفض أن تكون طرفًا في الحوار.

لكن الرسالة الأخيرة حملت تغيّرًا في هذا الخطاب، إذ أكّد قايد صالح على ضرورة «الحوار الجاد والجدي والواقعي والبناء والمتبصر الذي يضع الجزائر فوق كل اعتبار» كما طالب الجميع بـ«التنازل المتبادل» من أجل الوطن، دون تحديد الأطراف المشاركة في الحوار أو نفي أن تكون المؤسسة العسكرية طرفًا فيه. في نفس الوقت، يتمسّك قائد الأركان بالرفض المطلق للمرحلة الانتقاليّة التي تدعو لها العديد من الأحزاب المعارضة، إذ جاء في الرسالة: «إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أسرع وقت ممكن، أقول في أسرع وقت ممكن بعيدًا عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها، فالجزائر لا يمكنها أن تتحمل المزيد من التأخير والمزيد من التسويف».

Embed from Getty Images

ومع الأخذ بعين الاعتبار استحالة إجراء الانتخابات في موعدها، ودعوة قايد صالح إلى الحوار، فإنّ المرجّح أن تدخل البلاد في طريق «الحلّ السياسي» بدل الدستوري الذي تمسّكت به السلطة في الأسابيع الماضية مع رفض الشارع له، وهو ما قد يعني بدء حوار أو ندوة مع الشخصيات والأحزاب السياسية والممثلين عن المجتمع المدني، ولا يُعرف حتى الآن طبيعة مشاركة السُلطة في هذا الحوار من عدمها، أو آليّات الحوار وطرق اختيار المشاركين فيه، وباقي التفاصيل التي يكتنفها الغموض حتى الساعة.

وعن ردود الأفعال السياسية حول دعوة قائد الأركان للحوار، أكّدت «حركة مجتمع السلم» (إسلاميون) أنّ «ساعة الحوار قد حانت» بعد سقوط مشروع انتخابات الرابع من يوليو، وأن الحركة متمسّكة برحيل الرئيس بن صالح وحكومة بدوي، وأنها «مستعدة لأي حل آخر في إطار الحوار يضمن رحيل الباءات والانتقال الديمقراطي السلس». بينما انتقد «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علمانيون)» رسالة قايد صالح، وجاء على لسان رئيسه محسن بلعباس أنه «لا يحق له أن يحدد شروط الحوار» في إشارة إلى تأكيد قايد صالح على رفض المرحلة الانتقالية، وقال إن قائد الأركان يدعو إلى ما سمّاه «حوار المغفّلين».

20 سنة بعد «العشرية السوداء».. هل تغيّر الجيش الجزائري منذ التسعينيات إلى اليوم؟

The post بعد إلغاء الانتخابات الرئاسية في الجزائر.. هل يخضع الجيش أخيرًا للحل السياسي؟ appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
إقرأ المزيد.. bloggeradsenseo

ثقفني اون لاين : وسط محيط إقليمي مضطرب.. ما سر التطور السريع للعلاقات بين الكويت وروسيا؟

أقامت روسيا علاقات دبلوماسية مع معظم الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي خلال النصف الثاني من الثمانينيات وبداية التسعينيات: مع عمان في عام 1985، والإمارات في عام 1986، وقطر في عام 1988، والبحرين في عام 1990، ماعدا السعودية إذ بدأت علاقاتهما الدبلوماسية مبكرًا في عام 1926، ثم الكويت في عام 1963، بعد عامين فقط من نيلها الاستقلال، وذلك بحسب موقع وزارة خارجية الاتحاد الروسي.

لكن جذور العلاقات الروسية-الكويتية تعود إلى أكثر من قرن، إبان تصاعد المنافسة بين بريطانيا العظمى وألمانيا وروسيا في الشرق الأوسط -بما في ذلك منطقة الخليج خاصة الكويت التي كانت في ذلك الوقت جزءًا من الأراضي العثمانية- خلال الفترة من نهاية القرن التاسع عشر إلى بداية القرن العشرين، كما يلفت فيكتور ميهين في موقع «جيوبوليتيكا».

«لا شيء يفصل بين الفضائين الإسلامي والروسي، بل إن مناطق التداخل الجغرافي والتاريخي والثقافي بينهما متشابكة إلى حد يصعب معه أن ترسم حدوده بدقة. لكن مع هذا يظل السؤال: لماذا كانت هناك على الدوام حواجز، وقلة اندماج، وتفاهم عن بعد، وصور متخيلة غير دقيقة بين الجانبين؛ عن الشرق الأسطوري الخرافي المترع بقصص الصحراء والسحر والعجائب، وعن روسيا الجليدية الخالية من أية روح؟» هذا التساؤل طرحه رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، في كلمته أمام «مجلس الاتحاد الروسي» أواخر أبريل (نيسان).

كان الغانم كريمًا في ثنائه على مضيفيه: «أن تكون في روسيا، يعني: أن تكون في حضرة الثراء: ثراء الشرق والغرب معًا. ثراء التنوع البشري من الباسيفيكي إلى البلطيق، ومن أقصى نقطة في شمال الكوكب إلى البحر الأسود. ثراء المخزون الثقافي الهائل والضخم لروسيا. ثراء الشعر وبوشكين. ثراء الرواية ودوستويفسكي. ثراء القصة وتشيخوف. ثراء الموسيقى وتشايكوفسكي. ثراء العلم والتحدي وجاجارين. ولأنك في حضرة هذا الغنى الثقافي، فأنت لا تملك إلا أن توجه تحية إعجابٍ وتقدير وثناء لهذه الأمة الثرية، روسيا الاتحادية».

وإذ نصح الزائر الكويتي الرفيع بعدم الوقوع في الفخ الذي رسمته الكولونيالية الغربية للدول العربية والإسلامية والاتحاد الروسي، لمنعهما من التقارب، مستشهدًا بالتقارب بين الجانبين في خضم الحرب الباردة، ومشيدًا في الوقت ذاته برفض الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان، فإنه استحضر ضرورة التعاون لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وهي أحد المحاور الرئيسية التي تركز عليها الدبلوماسية الكويتية إلى جانب قضية الوحدة العربية.

فما هي ساحات التعاون المحتملة بين الكويت وروسيا؟ يتركز التواصل الروسي-الكويتي على ملفات رئيسية أهمها ما يلي:

الحرب في سوريا.. الكويت لا تغرد مع السرب الخليجي

في هذا الملف يتفق البلدان على ضرورة تطبيع العلاقات بين حكومة بشار الأسد وبقية الدول العربية، فمنذ اندلاع الحرب السورية في عام 2011، كانت الكويت على الدوام أكثر حذرًا من السعودية وقطر بشأن عزل حكومة الأسد. صحيحٌ أن الكويت أغلقت سفارتها في سوريا في عام 2012، إلا أنها خالفت غالبية حلفائها الخليجيين بإبقاء السفارة السورية مفتوحة في الكويت.

رفضت الحكومة الكويتية أيضًا الموافقة رسميًا على نقل الأسلحة إلى الثوار السوريين، على الرغم من أن رجال الأعمال الكويتيين يتبرعون لفصائل المعارضة الإسلامية في سوريا. وخلال لقاء مع وزير الخارجية سيرجي لافروف في مارس، أعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح أنه سيكون «سعيدًا جدًا» بعودة سوريا إلى «الأسرة العربية»، باعتبارها «دولة محورية في المنطقة».

لكن مع هبوط منحنى الحرب الأهلية السورية، أدرك السياسيون والمراقبون أن الرئيس بشار الأسد قد نجح في الاحتفاظ بمنصبه رئيسًا لسوريا، على حد قول ثيودور كاراسيك وتريستان أوبر في «أتلانتك كاونسل»، فتحركت بعض الدول بسرعة للاعتراف بنتيجة الصراع، من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، وإعادة فتح سفاراتها في دمشق، مثل الإمارات والبحرين، اللتين عارضتا الأسد بدرجات متفاوتة. بلدان أخرى في المنطقة كانت أكثر ترددًا في إعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، مثل الكويت التي تبنت نهج الانتظار والترقب.

إحدى الركائز الأساسية الأخرى للسياسة الخارجية الكويتية هي الجهود الإنسانية التي يمكن اعتبارها على ذات المستوى من الأهمية، وغالبًا ما تضطلع بها شخصيات وطنية بارزة باعتبارها وسام شرف. وكان حصول أمير الكويت على جائزة فخرية كقائد العمل الإنساني من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في عام 2014 بمثابة ضوء أخضر للكويتيين كي يستثمروا في هذه السمعة ويبنوا عليها.

انطلاقًا من هذه الركيزة، سعت الكويت إلى تقديم نفسها كمركز إقليمي للمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، مثل دورها في القمة الأخيرة حول إعادة إعمار العراق، ومحاولة القيام بدور مماثل في سوريا، إذ تبرعت بمبالغ مالية كبيرة للإغاثة الدولية بلغ مجموعها أكثر من 1.6 مليار دولار على مدار النزاع.

Embed from Getty Images

مرزوق الغانم متحدثًا في المجلس الاتحادي الروسي

بصرف النظر عن معارضة الكويت للاعتراف المتسرع بالأسد رئيسًا شرعيًا لسوريا، فهناك أيضًا العديد من التوترات الثنائية التي من شأنها أن تمنح الكويتيين سببًا للتوقف، فعلى سبيل المثال، في ديسمبر (كانون الأول) 2018، حصلت وسائل الإعلام الكويتية على قائمةٍ صاغتها الحكومة السورية للإرهابيين وممولي الإرهاب المشتبه بهم في سوريا، وكانت تضم ثلاثين كويتيًا، بينهم مسؤولون رفيعو المستوى مثل نائب وزير الخارجية خالد الجار الله ونواب في البرلمان. على الرغم من أن السوريين أنكروا بشكل قاطع وجود مثل هذه القائمة، يبدو أن الضرر قد حدث في تلك المرحلة بالفعل، إذ انتقدت الكويت التهم السورية ووصفتها بأنها «محيرة» و«افتراء».

في المقابل، لا يبدو أن الكويت مولعة بأصدقاء الرئيس السوري، إذ اعتقلت مازن الترزي -الذي له صلات وثيقة بنظام الأسد- وعدد من معاونيه اللبنانيين بعد مداهمة مقر مجلة «الهدف» التي يملكها في الكويت، لاتهامه بتبييض أموال لحساب جهات خارجية.

إشكالية أخرى تتعلق بتمويل أعضاء البرلمان الكويتي بعض الجماعات المسلحة داخل سوريا. منذ انتخابات عام 2016، يحتل الإسلاميون السنة -بعضهم من الإخوان والسلفيين- عددًا كبيرًا من المقاعد في مجلس النواب. وقد عارض هؤلاء في كثير من الأحيان نظام الأسد علنًا، باعتباره أداة في يد النظامين الروسي والإيراني اللذين يقمعان السنة بشكل منهجي. وبالنظر إلى العلاقات الهشة بالفعل بين الحكومة الكويتية والبرلمان؛ من المرجح أن تتردد الحكومة في التعامل من جانب واحد مع موضوع مثير للجدل مثل مستقبل نظام الأسد.

مع أخذ هذه الاعتبارات في الحسبان، من المرجح أن تتأخر الكويت عن اتخاذ أي قرار يتعلق بشرعية الأسد حتى يُتَوَصل إلى توافق في الآراء داخل جامعة الدول العربية. وعلى الرغم من أن الكويت لا تبدو مولعة بنظام الأسد، إلا أنها على الأرجح لن تعرقل عودته إلى الحظيرة العربية.

لكن فقط تحت مظلة الإجماع بين الدول العربية حول هذه القضية، يمكن للكويت تجنب النقد المتوقع من المنظمات الإنسانية وكذلك دوائرها المحلية، حيث يرجح أن تبتلع هذه الجهات قرارًا متعدد الأطراف أكثر من دعمها اعترافًا كويتيًا أحادي الجانب بالأسد. في الوقت ذاته، فإن عدم الذهاب إلى نهاية المطاف في معارضة الأسد والسماح بعودة سوريا إلى الجامعة العربية؛ من شأنه أن يساعد الكويت في تعزيز العلاقات مع سوريا مستقبلًا.

تفردت الكويت أيضًا عن العديد من شركائها الخليجيين بالإعلان عن رغبتها في المشاركة في مبادرات إعادة الإعمار التي تقودها الحكومة السورية وتدعمها روسيا، وتقدر تكلفتها بـ250 مليار دولار حسبما ذكر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا ستيفان دي ميستورا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وقد تصل إلى 400 مليار دولار كما قال بشار الأسد نفسه في ربيع عام 2018.

وأثناء «المعرض الزراعي التصديري الأول»، الذي نظمه اتحاد المصدرين السوريين في معرض دمشق الدولي، وقعت عدة عقود مع روسيا والكويت تمهد الطريق لعودة الاسم السوري للانتشار في الأسواق العربية والعالمية.

وفي أكتوبر (تشرين الثاني)، أشاد الأسد علنًا برعاية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح حملات دولية لجمع التبرعات من أجل سوريا. ثم أكّد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في 28 ديسمبر (كانون الأول)، أن المساهمات الروسية في إعادة إعمار سوريا تساعد على تحسين الأزمة الإنسانية، وناشد البلدان الغربية الاستثمار في عملية إعادة الإعمار.

ويُسلّط الاهتمام الروسي المتزايد بعملية إعادة الإعمار السورية، الضوء على هدفَين استراتيجيين أساسيين: فأولاً، تريد روسيا ربط سورية من جديد بالأسواق المالية العالمية، ليتمكّن بشار الأسد من ترسيخ قبضته على السلطة ويبدأ بجمع مبلغ الـ400 مليار دولار الذي يعتبره ضروريًا لإعادة إعمار البلاد. كما تسعى روسيا إلى الإفادة من تموضعها التدريجي في موقع الطرف الأساسي في عملية إعادة الإعمار السورية، فمن شأن تدفّق الرساميل الأجنبية إلى الاقتصاد السوري أن يؤمّن العملات الأجنبية التي تمثل أهمية حيوية للشركات والأعمال الروسية.

الوساطة بين الأطراف المتصارعة في اليمن

تنظر روسيا أيضًا إلى الكويت كشريك يحتمل أن يكون مفيدًا في اليمن، إذ تسعى موسكو إلى تعزيز سمعتها كوسيط في الحوار بين الأطراف المتصارعة، على حد قول صموئيل راماني- الباحث في العلاقات الدولية- في موقع «المونيتور».

ووقعت الحكومة اليمنية و«الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية» خمس اتفاقيات تنموية في مارس (آذار) 2019، تتضمن إعادة جدولة القروض (عددها 25) التي لم تسدد حتى نهاية العام الماضي وقدرها نحو 132 مليون دولار على 40 سنة بما فيها فترة إمهال 15 سنة، وبسعر فائدة ورسم إداري بواقع 1% سنويًا.

ويؤيد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أن «يعود الهدوء إلى المنطقة وأن تسود الحكمة والعقل في التعامل مع الأحداث من حولنا». ورغم إدانة مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة الاعتداء الذي تعرضت له منشآت نفطية في السعودية باستخدام طائرات بدون طيار مؤخرًا، إلا أنه يؤكد أيضًا على أنه «لا يوجد حل عسكري للأزمة اليمنية».

كان العالم العربي سيتغير جذريًّا.. 5 أشياء كانت لتحدث لو لم تغز العراق الكويت!

رغبة متبادلة في «رأب الصدع الخليجي»

تنظر روسيا أيضًا إلى المصالحة بين دول الخليج باعتبارها مجالًا للتعاون مع الكويت، حيث دعمت موسكو باستمرار جهود الوساطة الكويتية منذ اشتعال الأزمة مع قطر في يونيو (جزيران) 2017.

والخاسر الحقيقي في هذه الأزمة حتى الآن هم المحايدون، وتحديدًا: الكويت وعمان. لكن الكويت على وجه التحديد تشعر بضغط متزايد الآن لاختيار أحد المعسكرين، والتخلي عن حيادها التقليدي. وإذا امتنعت عن اختيار جانب، فمن المرجح أن تجد نفسها في الطرف الذي تصب عليه السعودية والإمارات جام غضبهما.

في الجلسات الخاصة، يعرب بعض المسؤولين الكويتيين عن مخاوفهم من تدخل السعودية في عملية انتقال السلطة في البلاد، بحسب جوناثان شانزر، فارشا كودوفور في «فورين بوليسي». ونظرًا لكبر سن الأمير وولي عهده الثمانينيين، والبرلمان الشعبوي العدواني، فإن المخاطر المحدقة بالإمارة تزداد كلما طال أمد الأزمة الخليجية.

الكويت «أقل قلقًا» من النفوذ الإيراني في المنطقة

إذا كانت دول مثل السعودية والإمارات لديها مصلحة راسخة في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، ترى الكويت أن من مصلحتها السعي جاهدة للحفاظ على حيادها النسبي في الشؤون الإقليمية، إذ أنها أقل قلقًا بشأن التواجد الإيراني في بلاد الشام، وأكثر اهتمامًا بسياسة خارجية تستند إلى مبادئ التعددية والدبلوماسية، بموازاة التنسيق مع أقرب حلفائها العرب أو الإسلاميين وشركائها الغربيين.

Embed from Getty Images

الرئيس الإيراني حسن روحاني

حتى حين وصلت التهديدات الإيرانية إلى مضيق هرمز، ظل نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، متمسكًا بأن «يسود العقل والحكمة والسلام في المنطقة». وحتى وإن كان «ينظر بقلق لهذه التهديدات»،  إلا أن بلاده تتطلع «دائمًا إلى أن ننأى بمنطقتنا عن هذا التوتر».

ويقسم الأكاديمي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، دول الخليج في التعامل مع «الجار الإيراني» إلى قسمين: «الصقور المتشددة» و«الحمائم المهادنة»: «فيما يتعلق بكيف يجب على دول الخليج العربي التعامل مع الجار الإيراني الصعب والذي يزداد صعوبة وخطورة تنقسم هذه الدول لمجموعتين:  ثلاث دول، السعودية والإمارات والبحرين؛ صقورية متشددة تتصدى للعبث الإيراني، وثلاث دول، عمان وقطر والكويت حمائم مهادنة وتهون من خطر إيران على أمن واستقرار المنطقة».

فرص استثمارية.. الاقتصاد «يجبر كسور» السياسة

شهد العقد الماضي تغيرات جوهرية في الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية، مع عودة الصين وروسيا إلى الساحة العالمية. هذه التطورات تخلق فرصًا جديدة لدول مجلس التعاون الخليجي المتطلعة إلى تنويع اقتصادها وتجارتها، والبحث عن فرص استثمارية في الأسواق الناشئة، وإقامة شراكات من أجل السلام والاستقرار الإقليميين، بحسب «أوكسفورد بزنس جروب».

صحيحٌ أن ثروة روسيا من الهيدروكربونات تعوق ازدهار حجم التجارة مع دول المنطقة مقارنة بالصين، لكن صادرات الكويت إلى روسيا بلغت 126.04 مليون دولار أمريكي خلال عام 2017، وفقًا لقاعدة بيانات التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة.

ولمَّا باتت الخلافات بشأن سوريا والصراعات الإقليمية الأخرى أقل وضوحًا، وأصبح إيجاد حل سلمي أكثر إلحاحًا؛ برزت الفوائد المتبادلة التي يمكن للإمارة الخليجية جنيها من التعامل مع روسيا، وإن بقيت بعض الخلافات الدبلوماسية عالقة بين الشد والجذب.

وإذا كان الاقتصاد الروسي قد تضرر بشدة نتيجة انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية، فإن موسكو بطبيعة الحال تحتاج إلى استثمارات وشركاء تجاريين جدد. وفي المقابل، تعد روسيا سوقًا ناشئة كبيرة وواعدة للمستثمرين الخليجيين الذين يتطلعون إلى الشراكة مع شركات الطاقة الروسية التي تسعى إلى التطوير التقني وعقد شراكات تسويقية خارج أوروبا.

تُبنى هذه الطموحات على مصالح قديمة تعود إلى عام 1964، حين وقع وزير الصناعة والنفط الشيخ جابر الأحمد الصباح، خلال زيارته إلى موسكو، اتفاقية ثنائية حول التعاون الاقتصادي والفني، وبروتوكول حول التبادل الثقافي والعلمي، إلى جانب اتفاقية النقل الجوي (1978)، والاتفاقية التجارية (1985)، واتفاقيات التعاون في مجال الدفاع (1993) واتفاقية تشجيع الحماية المتبادلة لتوظيف رؤوس الأموال (1994)، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (1999)، واتفاقية تسوية قرض الاتحاد السوفياتي (2006).

إحدى المحطات اللافتة كانت زيارة أمير الكويت جابر الأحمد الصباح في شهر نوفمبر من عام 1991 إلى الاتحاد السوفياتي، حيث التقى الرئيسين ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسين. وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته، اعترفت الكويت بالاتحاد الروسي وريثًا قانونيًا للاتحاد السوفياتي، وقدمت الكويت له قرضًا ميسرًا بمبلغ ملياري دولار.

وخلال زيارة رئيس الحكومة الروسية فيكتور تشيرنوميردين إلى الكويت في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1994، شُكلت لجنة حكومية بينية للتعاون التجاري- الاقتصادي والتقني- العلمي، انعقدت أكثر من مرة منذ ذلك الحين. وخلال منتدى الاستثمار الروسي-الكويتي في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2014، أعلنت الكويت توظيف نحو 500 مليون دولار عن طريق صندوق الاستثمارات الروسي المباشرة. وفي القطاع الخاص، اضطلعت مجموعة «الشايع» الكويتية بتطوير شبكة متاجر «موتيركار» و«ذي بودي شوب» ومقاهي «ستاربكس» بنظام الامتياز التجاري.

«رؤية 2035».. طريق الكويت إلى العالمية أم «فقاعة وطنية» أخرى؟

 

The post وسط محيط إقليمي مضطرب.. ما سر التطور السريع للعلاقات بين الكويت وروسيا؟ appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
إقرأ المزيد.. bloggeradsenseo