كثير منا يبحث عن السعادة في حياته اليومية، ونراه يجتهد في البحث عنها ولكنه لا يستطيع الوصول إليها؛ لأنه يحمل في قلبه أمراضًا كثيرة تهدم معنى السعادة في الإنسان، ما هي الأمراض التي يعاني منها تقريبًا ثلث سكان الكون؟ الحسد.
فالحسد كالأكلة الملحة تنخر العظم نخرًا، فهو مرض مزمن يعيث في الجسم فسادًا، وقيل «لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم، وعدو في جلباب صديق». وقد كثر التحذير من هذا الوباء القاتل الذي يجعل صاحبه يعيش طوال حياته يفكر في الآخرين وكيف يكتسبون المال، وكيف يعيشون، ويبقى في دوامة التفكير لا يشعر بسعادة الحياة أبدًا، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ » وذُكرت حكم كثيرة في هذا الذي يحمل في قلبه الحسد للآخرين، فمنهم من قال: «لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله» .
وأجمل ما قرأت من أبيات الشعر في الحسد:
دع الحسود وما يلقاه من كمد *** يكفيك منه لهيب النار في كبد
إن لمت ذا حسد نفست كربته *** وإن سكت فقد عذبته بيده
أيا حاسدًا لي على نعمتي *** أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه *** لأنك لم ترض لي ما وهب
فأخزاك ربي أن زادني *** وسد عليك وجوه الطلب
فالذي يبدأ بنهي نفسه عن الحسد فهو رحيم؛ لأنه رحم نفسه وأنهاها عن هذا الداء القاتل «الحسد»، فهو رحم نفسه قبل أن يرحم الآخرين؛ لأننا بحسدنا لهم نطعم الهم لحومنا، ونسقي الغم دماءنا، ونوزع نوم جفوننا على الآخرين.
وترى الحاسد دائمًا يشعل فرنًا ساخنًا ثم يقتحم فيه. التنغيص والكدر والهم الحاضر أمراض يولدها الحسد لتقضي على الراحة والحياة الطيبة الجميلة. بلية الحاسد أنه خاصم القضاء واتهم الباري في العدل وأساء الأدب مع الشرع وخالف صاحب المنهج. يا للحسد من مرض لا يؤجر عليه صاحبه، ومن بلاء لا يثاب عليه المبتلى به، وسوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت، أو تذهب نعم الناس عنهم.
كل يصالح إلا الحاسد فالصلح معه أن تتخلى عن نعم الله وتتنازل عن مواهبك، وتلغي خصائصك، ومناقبك، فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض، نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد، فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء. فيا من تبحثون عن السعادة فتشوا عنها في ترككم للحسد، وإياكم إياكم والحسد، فإني أنهاك أنهاك عن الحسد، واستعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد.
فهذه دعوة لترك الحسد واللجوء إلى سؤال الله تعالى، أن ينعم علينا كما أنعم على الآخرين بالراحة والسعادة والغنى، فإن الذي أعطى غيرك لا يعجزه أن يعطيك مثله أو أكثر منه، فقط الجأ إلى الله تعالى وأطلب منه ما تريد.
The post قاتل السعادة: الحسـد appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست