الاثنين، 1 أغسطس 2016

ثقفني اون لاين : بريطانيا ما بعد البريكسيت: التحديات والمخاطر

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما يطلق عليه حاليا «Brexit» يتسم بالتعقيد وله عدة آثار على البيئة السياسية والاقتصادية والمالية في بريطانيا والاتحاد الأوروبي. تكمن أبرز القضايا التي دفعت بعض النخب للمطالبة بالانفصال قضية الحد من الهجرة، فهم يرون أنها تستنزف الموارد الوطنية وتعمل على تآكل السيادة، فقوانين الاتحاد الأوروبي هي التي أدت إلى تدفق المهاجرين، الأمر الذي أثر على مستوى المعيشة تحت قاعدة «بداية المواطنة ونهاية الهجرة Stop immigration start repatriation» وكذا الحفاظ على السيادة فهم يرون أن بريطانيا تفقد نفوذها في الاتحاد، وأن دول الاتحاد الأوروبي هي المتحكم الحقيقي في بريطانيا ووقف التدخل الأوروبي والعودة لإدارة شؤونها بنفسها تحت شعار «استعادة السيطرة take back control»، فحسبهم الحكومة غير قادرة على حماية مصالحهم، ما لم تخرج من الاتحاد وأيضا المبالغ الطائلة التي تسددها الحكومة للاتحاد والتي يتصرف فيها آخرون لصالحهم، دون أية فائدة على المجتمع البريطاني، فشعرت بريطانيا بالقلق من هجرة العمال من الدول الأوروبية التي تعاني من مشاكل اقتصادية.

بالنسبة للتداعيات السياسية يمكن لبريطانيا أن تخسر مكانتها في الشؤون الدولية، فيخشى معارضو البريكسيت من أن الخروج يؤدي إلى تهديد وحدة المملكة المتحدة، خاصة في ظل تصويت أسكتلندا وإيرلندا الشمالية لصالح البقاء ومطالبة أسكتلاندا بإجراء استفتاء ثان للانفصال عن بريطانيا، قد يؤدي إلى أزمة داخلية قد تفكك المملكة المتحدة. بالإضافة إلى زيادة تدفق المهاجرين واللاجئين عقب الخروج من الاتحاد الأوروبي، خاصةً ما سيترتب على ذلك من وقف تنفيذ بنود اتفاق «لو توكيه Le Touquet » مع فرنسا، الذي يسمح بوجود نقاط تفتيش بريطانية على عدد من النقاط الحدودية خاصة المتعلقة بالمهاجرين فى كاليه ودنكرك، كذلك أصبح حزب المحافظين الحاكم يشهد حالة انقسام شديدة بسبب الاستفتاء، ما أدى إلى استقالة ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية، والذي صرح بأنه لا يرى في نفسه قبطان السفينة للمرحلة القادمة، وأن البلد يحتاج إلى قيادة جديدة.

بعد أن كانت بريطانيا أحد الركائز الأساسية في الاتحاد الأوروبي وخامس اقتصاد عالمي، ومركز أوروبا المالي ستصبح بعد البريكسيت أقل تأثيرا في المجال الاقتصادي، خاصة المتعلقة بالوصول إلى السوق الأوروبية فلقد سجل الجنيه الإسترليني عقب إعلان النتائج هبوطا بنسبة بلغت 10% ، مسجلا أدنى مستوياته في 30 عاما، ما يزيد من احتمالات دخول الاقتصاد البريطاني في حالة ركود وارتفاع معدل التضخم وتراجع في التصنيف الإنمائي وعزل الاقتصاد البريطاني من الفرص التي توفرها السوق الأوروبية الموحدة، وحسب توقعات صندوق النقد الدولي سيتراجع الاقتصاد البريطاني بنسبة 5 بالمئة بحلول 2019، مقارنة بالتصويت لصالح البقاء داخل الاتحاد، ما يؤدي إلى تنقل المؤسسات المالية الأوروبية عملياتها وموظفيها إلى مناطق أخرى في أوروبا ، وستضطر البنوك والشركات الكبرى التي تقع مراكزها في بريطانيا إلى نقل أعمالها ومراكزها إلى فرنسا أو ألمانيا، وإمكانية فرض الاتحاد عقوبات اقتصادية على بريطانيا.

من الناحية العملية خروج بريطانيا من الاتحاد سيفتح المجال أمام الأحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة والحركات الانفصالية، خاصة وأن القومية الرجعية في ارتفاع لأسباب اقتصادية واجتماعية، والتي أصبحت تدعو الآن إلى الخروج كذلك من الاتحاد، مما قد يتيح فرضية عودة الحديث عن الدولة القومية الواستفالية ما يهدد كيان واستمرارية التكامل الأوروبي.

لتجاوز تحديات الخروج يجب على بريطانيا الآن الانضمام إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية EEA ، لكي يكون لها حق الدخول إلى السوق الأوروبية الموحدة، بينما تتحرر تمامًا من قوانين الاتحاد الأوروبي وفرض سيطرته على الشؤون الداخلية، وهذا للحفاظ على مكانتها الاقتصادية كما تفعل كل من النرويج وأيسلندا والقيام بعقد اتفاقيات ثنائية متعددة مع الدول الأوروبية خاصة مع ألمانيا وفرنسا.

 

The post بريطانيا ما بعد البريكسيت: التحديات والمخاطر appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست