الاثنين، 1 أغسطس 2016

ثقفني اون لاين : التوك التوك والحكومة.. من يتحدى من؟

لقد بدأ استيراد مركبة «التوك التوك» منذ عام 2001، ولكن الظهور الفعلي لهذه المركبة العجيبة كان في أواخر عام 2005 ومطلع عام2006.

إن الهدف والدافع الأساسي وراء استيراد هذه المركبة، وإقحامها للشوارع المصرية كان إيجاد بديل لقلّة، بل انعدام، وجود أيةُ وسيلة مواصلات في عددٍ كبير من القرى المصرية، والكفور والمناطق النائية؛ لذا ظهرت فكرة «التوك التوك» في البرنامج الانتخابي للرئيس الأسبق «حسني مبارك» أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2005, وقد لاقت هذه الفكرة ترحيبًا من فئات شعبية عديدة, وبالفعل بدأ التوك التوك يرى النور على أرض الواقع، وبدأ يسير داخل القرى والنجوع والكفور في الوجهين البحري والقبلي، وبدأ في الظهور على استحياء في بعض المناطق الشعبية في محافظة القاهرة، وكذلك المدن الأخرى. لقد تعددت الآراء حول هذه المركبة الغريبة فآراء أيّدت سيرها في الشوارع المصرية، وآراء أخرى عارضت بشدة فكرة وجودها من الأساس, فأما الآراء التي رحبت ودافعت عن مركبة التوك التوك.

فوجهات النظر هذه ترى أن عربة التوك التوك ساهمت بشكل كبير في الحد من البطالة، وتشغيل عدد لا بأس به من المواطنين البسطاء، لاسيما الشباب, إضافة إلى ذلك قضت بنسبة كبيرة على مشكلة عدم توفّر وسائل مواصلات في غالبية القرى، والمناطق الفقيرة والعشوائية، وأهم ما يُميز هذه المركبة – وفقاً للآراء المؤيدة – هو قدرتها على السير بسلاسة في الشوارع الضيقة والحارات غير المُمهدة.

على الجانب الآخر نجد وجهات نظر مُعارضة بشدة لمركبة التوك التوك؛ حيث تنصرف هذه الآراء إلى أن هذه الآلة الغريبة، بالرغم من مميزاتها، إلا أنها تتسم بعيوب وسلبيات كثيرة، أبرزها أنها مركبة غير آمنة؛ نظرًا لأنها مفتوحة من الجانبين، وبلا أبواب؛ مما يُعرّض حياة من يستقلها للخطر الشديد؛ حال سقوطها، ناهيك عن قائدي هذه العربة؛ فأغلبهم من الأطفال والشباب صغير السن، وأصحاب السوابق والمُسجلين خطر، والذي يتسبب فى زيادة مُعدل الجريمة في الشارع من سرقات، ومعاكسة الفتيات وغير ذلك, كما يرى مُعارضو التوك التوك أنه مصدر للإزعاج المستمر؛ بسبب الأغاني الصاخبة الصادرة منه ليلًا ونهارًا، والتسبب في نشر الفوضى في المناطق التي يسير بها؛ نتيجة السير بشكل عكسي في الطرق والوقوف العشوائي, كما يرى خبراء الطرق أن التوك التوك هو مركبة غير حضارية، وغير آمنة؛ وذلك لأن هذه العربة ترتكز على ثلاث عجلات فقط؛ مما يؤدي إلى سقوطها المتكرر؛ نتيجة للسير بسرعة كبيرة في الشارع.

من ناحية أخري كانت هناك وجهات نظر حول التوك التوك، انصرفت لتأييد استمرار وجوده في الشارع، لكن مع ضرورة وضع أحكام و قوانين وضوابط صارمة؛ لإحكام السيطرة عليه، والتركيز على أهمية تقنينه، وترخيصه؛ ليكون من السهل الوصول إلى أى مركبة مُخالفة من خلال بياناتها في وحدات المرور.

لقد سبقت الإشارة إلى أن آلة التوك التوك بدأ ظهورها فعليًا منذ عام 2006 , إلا أنه بعد اندلاع ثورة الخامس و العشرين من يناير عام 2011 , بدأ استيراد جحافل من مركبات التوك التوك بالتزامن مع غياب لسُلطة الدولة، وانهيار شبه تام للمؤسسات المعنية؛ نتيجة حالة الفوضى التي سادت في مصر إبّان تلك الفترة العصيبة, ومنذ هذه الفترة بدأ يحدث نوعٌ من الغزو للشوارع المصرية، ليس فقط في القرى، والكفور، والمناطق الشعبية، بل امتدت المشكلة باقتحام هذه العربة الغريبة للأحياء الراقية داخل القاهرة، مثل الزمالك والمعادى وغيرهما, كما بدأ التوك التوك في التجول بحرية تامة على الكباري المهمة، والحيوية، مثل كوبري السادس من أكتوبر, وكان ذلك نتيجة طبيعية، بعد أحداث الثامن والعشرين من يناير، ما يُعرف بـ«جمعة الغضب»، والتي كان أبرز نتائجها السلبية انهيار مفاجئ، وشبه كامل للمؤسسة الأمنية أو جهاز الشرطة؛ الأمر الذي فتح الباب على مِصراعيه لاستيراد هذه المركبة. إن مركبة «التوك التوك»، بالرغم من منافعها غير القليلة، إلا أن سلبياتها، وعيوبها كانت أكثر، والتي تمثّلت – كما أشرنا من قبل – في الشكل غير الحضاري، وكونها مركبة غير أمنة، وأبرز السلبيات كانت أنها غير مُرخصة, وبعد أن أصبح «التوك التوك» أمرًا واقعًا لا يُمكن إنكاره، كان لزامًا على الحكومة في مصر أن تُسنّ تشريعات يُمكن من خلالها إعادة الشكل الحضاري للشوارع، والطرق، وإحكام السيطرة على التوغّل المُخيف لهذه المركبة في كثير من محافظات، ومدن مصر، وضرورة إبقاء هذه العربة داخل القرى، والمناطق العشوائية والنائية إلى أن تقوم الحكومة بتوفير وسائل مواصلات آدمية وآمنة في تلك المناطق، وبذلك يتم القضاء نهائيًا على أسطورة وجمهورية التوك التوك في مصر.

وللإنصاف قامت الحكومات المُتعاقبة على مصر منذ قيام ثورة يناير وحتى تاريخ كتابة هذا المقال بإجراءات سريعة، كان أبرزها قرار محافظ القاهرة السابق «جلال السعيد» بمنع سير التوك التوك داخل 15 حيًا في نطاق المحافظة، إلا أن هذا القرار لم يجد تنفيذًا فعليًا؛ فلا تزال هذه المركبة تسير في الأحياء المحظور سيرها بداخلها، مثل حي «مدينة نصر الراقي»، وبعض مناطق «حي مصر الجديدة»، والذي يُعد من أرقى أحياء القاهرة، ويقع به أيضًا قصر الاتحادية الرئاسي, وكان

قرار وزير التجارة والصناعة الأسبق، «منير فخري عبد النور»، بوقف استيراد التوك التوك، والدراجات النارية، و دعّم هذا القرار حكم محكمة القضاء الإداري بوقف استيرادهما؛ حفاظًا على الأمن القومي، كان قرارًا ضروريًا، و في توقيت مناسب؛ بعد الانتشار الكثيف لهذه الآلة الكريهة في الشوارع، واجتياحها لمدن ومحافظات الجمهورية.

في نهاية المقال يُمكن القول بأن التوك التوك نعمة ونقمة في آن واحد؛ فهو نعمة إذا أحكمت الحكومة سيطرتها على انتشاره المتسارع بشكل مُلفت للأنظار، وتقنين أوضاع مركبات التوك التوك  داخل مصر، والتي بلغ عددها بحسب إحصاءات غير رسمية إلى ما يقرب من 5 ملايين مركبة, والتوك التوك نقمة، إذا استمر الوضع الحالي من ازدياد أعداد هذه العربة بشكل غير مسبوق، دون تدخل قوي وحاسم من الدولة؛ لكبح جماح هذا الانتشار لمنع تشويه الشكل الحضاري للمدن المصرية، والفوضى والعشوائية المرورية التى يُسبّبها التوك التوك داخل المناطق التى يغزوها.

 

 

The post التوك التوك والحكومة.. من يتحدى من؟ appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست