مرت مائة عام على اتفاقية سايكس بيكو منذ أسابيع قليلة، مرت مائة عام والمنطقة التي اتفق الوزيران على تقسيمهما تعاني ما تعانيه الآن، جماعة عبرت الحدود ونظام يفتك بشعبه بلا أي حسيب ولا رقيب ولا حتى رادع أخلاقي، وجماعات مرتبطة بأجهزة استخبارية ذات اليمين وذات الشمال، واتفاقيات دولية تتم على حساب هذه الشعوب المنكوبة، وهذه الأحداث تعيد إلى الأذهان إرهاصات تفكيك الدولة العثمانية وبسط نفوذ الدول الكبرى على المنطقة، وقع الوزيران هذه الاتفاقية ووقع معهما الوزير الروسي الذي حالت الثورة البلشفية دون أخذ حصته، لم تصدر لنا تلك الدول الديموقراطية وحقوق الإنسان وما تنعم به شعوبها آنذاك من عدالة وحداثة وتعليم، بل ساهمت في تدجيننا وعندما أرادت الذهاب ولت علينا شرارنا، وزرعت بيننا سرطانا جغرافيا يحول بيننا وبين ما نريد، وبعد صعود الإمبراطورية الأمريكية على الساحة الدولية وأصبحت القطب الثاني، كانت هذه المنطقة وما حولها غنيمة يتقاسمها العدوان وملعبا يلعبان فيه، ثم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وسقوطه أصبح العم سام هو اللاعب الوحيد في المنطقة وفي العالم كله، ويبدو أنه رأى أن هذا التقسيم غير صالح لهذا الزمن فأصبح السياسيون الأمريكيون والصهاينة منهم على وجه الخصوص والكيان الصهيوني يعدون العدة لتغيير ملامح هذا الجزء من العالم، فهذا التقسيم لا يمكن أن يكون عادلًا من وجهة نظرهم، فكيف تكون هذه الدول العدوة للكيان الصهيوني بهذه الأحجام والكيان الصهيوني بهذا الحجم، وكيف يمكن إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات دون أن يتفتت العدو إلى دويلات يسهل هضمها، أما من هم خارج خريطة إسرائيل الكبرى فلن يكون عليهم من الأخطار مثل ما على هؤلاء، إلا حينما يريدون بسط النفوذ أو التحالف ضد هذا المشروع، وأصبح الإرهاب هو رفض هذا المشروع وأصبح الإرهابي هو العربي المسلم السني الرافض لهذا المشروع، لا يمكن أن يتم هذا المشروع باحتلال مباشر، ولن ترضى هذه الشعوب بالاحتلال المباشر ولم تستسلم للهيمنة الغربية ولم تيأس من النصر، فهذه الشعوب شعوب حية، إلا أن العنصر الذي ينصر الغرب هو الخداع ونشر الفوضى والتحالف مع الإيرانيين وإعطائهم الضوء الأخضر وهذا ما كان، فإيران خدعتنا بالمقاومة والغرب نشر الفوضى بعد احتلال العراق، وها هو قد تحالف مع الإيرانيين وأطلق أيديهم في العراق وفي سوريا، وقد اتضحت الرؤية وما يجري الآن هو سايكس بيكو جديدة ستقسم المقسم وتجزئ المجزأ، فحينما عادت تركيا إلى هويتها وعادت إلى العرب والإسلام وعاد لها المسلمون العرب، عاد الغرب للقضاء على العثمانيين الجدد كعنصر من عناصر التقسيم كما حدث من قبل مع أسلافهم، سيناريو سايكس بيكو كاملا ولكن أبطاله هذه المرة كيري لافروف وبهذا يكون الروس قد عادوا لما تركوه والأمريكيون الورثة الشرعيون لبريطانيا استولوا على ما تركه لهم مورثهم.
خير الكلام : «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».
The post مائة عام من الاحتلال appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
