أحاول أن أتكلم نيابة عن أرض الجزائر التي تعيشون فيها، وعن الشعب الجزائري الذي خرجتم منه، نحن معشر الشباب الجزائري تتراوح أعمارنا بين عشرين سنة، وإحدى عشرين سنة، وحتى تسعة وعشرين سنة، نحاول أن نعمل الفارق في بلادنا، شباب الغرب، وشباب الجنوب، وشباب الشرق، وشباب الشمال، وأنا أود أن أقول لكم يا حكومة بلادنا: لقد قطعنا سنوات من دراسة والعلم بدون فائدة، حتى قررنا أن نتكلم معكم مباشرة.
لنخبركم: أيها البالغون عليكم تغيير منهجكم ونهجكم، أنا أكتب اليوم في هذا المقال، وليس لي جدول أعمال، ولا مواعيد عمل، ولا لقاءات مع شخصيات حكومية، لكنني فقط أحارب من أجل مستقبلي. خسارة مستقبلي، ليس كالخسارة في الانتخابات، أو خسارة بعض الأسهم في سوق البورصة، أنا لا أكتب لنفسي، ولا أتحدث عن نفسي، وإنما عن كل الأجيال القادمة، أنا هنا لأتحدث عن الأطفال المهمشين في الجنوب، والذين أصبحت كلمتهم غير مسموعة، ولا نداؤهم مرغوبًا فيه، أنا أتحدث عن مرضى السرطان في مستشفيات الجزائر، الذين أصبح خبر موتهم لا يشغل الرأي العام، ولا الخاص؛ لأنهم لم يجدوا مكانًا يقضون فيه على هذا الداء.
أنا الآن، وبكل صراحة أخاف دخول إلى مستشفى في «سيدي بلعباس» خوفًا من العداوة، أو انتقال المرض من شخص ما إلى جسدي، أنا الآن أخاف أن أدفع ملفي إلى مؤسسة إدارية لطلب عمل؛ لأنني لا أعلم ماذا سيواجهني ما هي نية المسئول الأول؟ حينما يسألني ما هو عمل والدي؟ لقد اعتدت الذهاب مع عائلتي إلى جنوب الجزائر؛ للسياحة، لكن بعد أيام بدأت تظهر رائحة كريهة، بحثت عنها، حتى وجدت جماعة من الخليج يأتون لصيد الغزال، مجزرة كبيرة تكفي لانقراض الحيوانات من الجنوب، الآن ويوميًا نسمع أخبار عن حوادث المرور، كل يوم قتيل، أو 20 قتيلًا، كل يوم نسمع عن سرقات البنوك، وإفلاس شركات، واحتجاجات النقابات، وكل هذا نقول إنه حق، وأصحابه يطلبون به، لكن عندما أفتح التلفزيون؛ لأجد رئيس الحكومة يتكلم عن تقشف، الصمت يقتلني.
لقد حلمت طوال حياتي أن أرى إخوتي الجزائريين الشباب في مراكز حساسة في دولة، أو على أقل عمل قيم يفيدون به البلاد، ويحقق لهم أحلامهم التي كانوا يطمحون إليها، طموح خدمة البلاد أفضل من سفر إلى وطن آخر، وكما قال أحد المفكرين «أكبر صادرات الجزائر، للعالم، الأدمغة الجزائرية» لكن كل هذا يجعلني أتساءل، هل سيتحقق حلم الشباب، وأن أرى معظمهم في مؤسسات الدولة، يحاولون بكل جهد أن يطوروا البلاد إلى الأحسن.
لكن لي سؤال لحكومة الجزائرية، هل كنتم قلقون على البلاد حينما كنتم في عمري؟ هل رئيس الحكومة الجزائرية في شبابه كان قلقًا على شأن البلاد؟ مثل ما يفعل الشباب الآن، هل كنتم قلقون حول الأشياء التي ذكرتها لكم؟ كل هذه مشاكل تحدث أمام أعيننا، لكننا لا نزال نتصرف، وكأنه شيء لم يحدث. لم نزل نتصرف، وكأنه لدينا الوقت الكافي لعلاج هذه الأمور، وحلها بأبسط الأشياء، هل أمور سهلة لهذه الدرجة عند الحكومة؟ أنا مجرد مواطن، وليس لدي حلول لمشاكل البلاد، لكنني أريدكم أن تدركوا، أنكم لا تعلمون كيفية معالجة مشاكل البلاد التي لا تنتهي، أنتم لا تعلمون كيف تجدون حل لمشاكل قطاع التربية، أنتم لا تعلمون كيف تجعلون أهل «غرادية» إخوة مع بعضهم البعض، لا يمكنكم إعادة الشركات التي أسسها النظام القديم، وكانت فتحة خير على الشعب الجزائري؛ لأنها قللت من نسبة البطالة. إن كنتم لا تعرفون كيفية إعادتها، من فضلكم توقفوا عن تقديم الحلول، والوعود الكاذبة عن الشعب.
في كل اجتماع تلتقون بوفود حكوماتكم، رجال الأعمال، الوزراء، الولاة، وجميع السياسيين، لكن المشكلة أين تلتقون بهم في صالونات مكيفة ومكان نظيف، كيف للعقل المرتاح أن يفكر بحل كبير لمشاكل البلاد، وهو في وضعية جيدة، أجربتم أن تجتمعوا ـ مثلًا ـ في وادي «سوف» أو «أدرار» أو «تبسة» أو «مسيلة»؟ أنا واثق أنكم ستجدون الحل الأنسب إلى البلاد.
أعلم أننا جميعا جزء من عائلة مكونة بأكثر من 40 مليون شخص، في الواقع الناس تعيش في الفقر، وعدم الاهتمام، والإهمال الكبير، ولا تستطيع الحكومة أن تغير هذا؛ لأنه ملف كبير، وثقيل عليها، مهما فعلت، لم تبرر فشلها، ليعلم الجميع أننا كلنا متورطون في هذا جميعًا، وعلينا أن نعمل على يد واحدة شريفة لخدمة البلاد والاهتمام بشعبها لتحقيق هدف واحد، وهو الخروج بالجزائر من الفقر المحتوم، في غضبي، أنا هادئ، وفي خوفي، أصبح شجاعًا؛ لكي أخبر حكومة بلادي بما أشعر به.
في الجزائر نحن نتسوق كثيرًا، نشتري المرغوب، ثم يصبح غير مطلوب؛ فنرميه، دائمًا هكذا، مستمرة، ومع ذلك الحكومة لم تطلق أية مبادرة أو قانون يحمي البيئة من تطفل الشعب، ومن غطرسة الحكومة نفسها؛ لأن الحكومة تحب أن يبقى الوضع على ما هو، وتدخلها في النهاية عبارة عن حزمة قوانين مثبتة أسبوعًا، ومرمية شهرًا، وتطبق على «ابن المسكين» ويمر عليها «ابن الوزير».
في سيدي بلعباس لقد عشت حياة فيها رائعة، كثرة الطعام واللباس، والتسوق والخروج ليلًا نهارًا، والمياه، وكل شيء رائع موجود فيها، لدينا كل ما نحتاج، لكن مند شهر فقط، لقد صدمت شخصيًا؛ بعد قضاء الوقت مع بعض أطفال «إليزي» بعضهم يعيش في الشارع، وقد أخبرني طفل، بعد أن قدمت له سؤالًا: ماذا تتمنى من الحياة؟ قال أتمنى لو أكون غنيًا؛ لأنني سأشتري لكل أصدقائي في الشارع من «بدو رحل» الطعام والماء واللباس، وأن نذهب إلى مدرسة مع بعضنا، وزيادة على ذلك الحب والحنان، والعاطفة الكبيرة.
إذا كان هذا الطفل الذي يعيش في الشارع، ليس لديه شيء في الحياة، سوى رغبة أن يهتم به من هو أكبر منه، وأغنى، لماذا هؤلاء الذين لا يملكون كل شيء، لكنهم لازالوا طامعين؟ لا يمكنني التوقف عن التفكير في الأطفال، وفي الشباب الذين هم مثلي، ممكن في أية لحظة أن أكون كالأطفال الذين يعيشون في الشارع، هل تريد مني أن أكون مثل أطفال وقروا بعيدًا عن العاصمة، ولا يصلني شيء، إلا بعد سنين، أو كالأطفال، الذين يعيشون في قرى، «ولاية بشار» يصلهم دواء، بعد الطلب الكثير والمستمر، أو ضحية رشوة في جامعات الجزائرية، أو تلتقطني كاميرات النهار في فضيحة فساد في إحدى الجامعات، أنا أعلم جيدًا، لو تنفق الأموال التي تحت أيدي الكبار، من رجال الأعمال في البلاد، سيتم القضاء على مشاكل هذه البلاد.
في المدرسة تعلموننا ألا نتشاجر مع بعضنا البعض، وفي الابتدائي أن نتعاون ونحترم بعضنا البعض، وفي المتوسطة أن نزيل الفوضى، وألا نؤدي المخلوقات الأخرى، وفي الثانوية أن نتشارك مع بعض، وأن لا نكون طماعين، إذن لماذا تخرجون يوميًا إلى الجزائر، وتفعلون هده الأشياء التي تطلبون منا عدم فعلها؟ لا تنسوا سبب وجودكم على رأس الحكومة، ولماذا أنتم وزراء، ورؤساء، ونواب برلمان، أنتم تحددون جزائر الغد التي نحلم بها، فلا تخرجوا عن نهجكم من فضلكم، يقول القدماء «المرء بأفعاله، وليس بكلامه».
The post أيها البالغون عليكم تغيير منهجكم appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست