السبت، 30 يوليو 2016

ثقفني اون لاين : السلفية وتحديات الماضي والمستقبل

إن التغيرات المحورية في الساحة العالمية السياسية والدينية تستوجب انتباهة ويقظة السلفيين؛ لمجابهة الخطر القادم الأشد تهديدًا على المنهج السلفي، والذي يؤسس لهدم الأسس التي بنيت عليها العقيدة، ويهدم أسس الاستدلال التي ظل بها المنهج السلفي قويًا في جميع حروبه الفكرية ضد «المتصوفة والروافض».

لطالما ظل المنهج السلفي على مر العصور الإسلامية هو الخاسر الأكبر، عندما تعم الفوضى والحروب، ومن أمثلة ذلك ما حدث في العصر العباسي، بعد هجوم التتار، وكذلك في العهد الفاطمي، ونزاعات السلطة، في ظل غياب العقل، لا أحد يستطيع أن يفهم ما يدعون إليه، حتى يظهر المجددون الذين يعيدون الدين الحق، ويزيلوا الجهل والشرك، ومنهم شيخ الإسلام «ابن تيمية وابن القيم» إلى الشيخ «محمد بن عبد الوهاب».

لكن ما الجديد الذي يحدث الآن؟

حتى فترة ليست بالبعيدة، والمنهج السلفي يتقدم بين الناس عن طريق الدعوة إلى التوحيد، ونبذ الشرك، والخرافات، وعبادة القبور، وبدا أن الناس منفتحة على العالم، وقد تعلمت، وبدأت بالتحرر من عبودية المشايخ والطواغيت، ولكن مع الظهور اللافت والمؤثر للتطرف في سبتمبر 2001 وقبله كان التطرف موجود، ولكن غير مؤثر على الدول الغربية، ويمكن أن نقول: كان مدعومًا منها، بدأ الكيل للإسلام والمسلمين بأنهم إرهابيون.

لم يكن اتهام الإسلام بالإرهاب مقبولًا بأي وجه لعامة المسلمين، فتم الكيد للمنهج السلفي عن طريق ثلاثة محاور، ومن ثم إلصاقها بالإسلام بالكلية، كما قالها «فرنسوا أولاند» صريحة: خطر الإرهاب الإسلامي، ولم يحرك لمقولته ساكن.

المحور الأول: تسمية المنهج السلفي بالسلفية الجهادية سواء كان تنظيم «القاعدة» أو «داعش» أو أية حركة تكفيرية، ولكن هذا المحور أهميته أقل من المحور الثاني: وهو اتهام المنهج السلفي بأنه الحاضنة للإرهابيين، والنتاج الفكري لهم، وأنه للتخلص من الإرهاب يجب التخلص من السلفيين، بل من الأصوليين على العموم، بالرغم من أنه معلوم أن المنهج السلفي لا يدعو للخروج على الحاكم، ويرفض العمليات الانتحارية، ومعلوم من قديم الزمان أن منهج السلف الصالح الذي أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم موجود، وكذلك منهج «الخوارج»، محبي السلطة، وناقضي البيعة أيضًا، موجود منذ عهد «عثمان بن عفان» رضي اله عنه، ولقد ظهروا جليًا في عهد «علي بن أبي طالب» رضي اله عنه، فمن قديم الزمان، والفكر مختلف.

المحور الثالث: وهو أهم محور؛ لأنه يهدم الأسس العلمية للاستدلال، ويعمل على تمييع الإسلام، وإيهام الناس بأن هذه هي الصورة الحقيقية الحضارية للإسلام، ويصل الأمر أن لا فرق بين الإسلام، وما تدعو إليه الدول الليبرالية والعلمانية، سواء كان في حرية المرأة، أو في المعاملات التجارية، والحدود الشرعية، واستخدم في هذه المهمة مزيج من المستشرقين والمستغربين، (وهم عبارة عن علمانية عقلانية قرآنية رافضة)، الذين كالوا أشد الكيل، والهجوم على العلماء الربانيين، حتى لا تكون هناك مرجعية معترف بها، وتحميلهم مسؤولية تأخر المسلمين، وكذلك الهجوم على الإجماع، كأداة استدلال، ومن ثم الهجوم على التواتر، وعلى البخاري، وصحيحه، والصحابة، ناقلي الحديث، ومن ثم الهجوم على الأحاديث بالجملة، والإبقاء فقط على القرآن الكريم، أو قد يأتي عليه الدور. وسطع نجم الكثير منهم كمجددين للدين، وكمتحضرين، وفلاسفة، وانبهر بهم بعض الشباب الذي وجد ضالته في فكر لا يقيد حريته المطلقة، ويبرر أفعاله، ولا يلزمه بحدود معينة، واقتنع بهم آخرون، ليس لديهم خلفية دينية ترد على شبهاتهم، أو مغالطاتهم المنطقية، بعد نفي السنة والإجماع وقول الصحابة.

فالخلاصة: أعتقد أننا بحاجة إلى استيقاظ ونهضة وتحديد وتجديد أولويات الدعوة، فالمنهج السلفي بين نارين: أولها، ممن يعتبرونه منهجًا كفريًا ضالًا ملجئًا، وثانيها، ممن يعتبرونه هو المنهج التكفيري الداعشي؛ لذلك يجب الابتعاد عن المهاترات والمناقشات غير المجدية والتركيز على الدعوة لأصول الدين، وكشف الشبهات عنها، كما حدث في الدعوة إلى التوحيد، حبذا لو كان جزءًا من المنهج الدراسي التعليمي، وتغيير نمط الدعوة الذي اعتمد على المحاضرات، والمقالات المطولة، بل استخدام جوامع الكلم المنطقية التي تلمس العقل والقلب، وكذلك «الكاريكاتير» (كوميكس) للرد على شبهة معينة، فليس هناك داع من ذكر حديث لمن لا يؤمن بالحديث، أو قول عالم، لمن يعتبره مجرمًا، أو توبيخ من يقتل المسلمين، أو غير المسلمين بحرمة قتل المسلم، أو حرمة قتل المعاهد، وهو لا يرى إسلامهم، ولا يعترف بالمعاهدة.

The post السلفية وتحديات الماضي والمستقبل appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست