ذات يوم طرحت على صديقتي سؤالًا كان يشغل بالي كثيرًا وهو: لماذا نتزوج؟ فأجابت جوابًا معهودًا وقالت: بهدف الشعور بالاستقرار، والحب، والحاجة للأمان، والسند، وإنجاب أطفال يملأون عليها حياتها، بالإضافة إلى أن الشراكة حاجة نفسية، حيث أن الإنسان بفطرته كائن اجتماعي، يحتاج للانتماء والشعور بالحب، ومشاركة تفاصيل حياته مع شخص آخر، ولديه احتياج جنسي ورغبة في استكشاف المجهول، ولكن في إطار شرعي.
كل ما قالته لا يستطيع أحد إنكاره، ولكن عندما سألتها لماذا تزوجتِ، أجابت: بدافع الحب، وعثورها على الشخص المناسب لتكمل حياتها بجانبه، ولكن هناك سبب آخر كان يلح عليها وهو الأمومة حيث كانت تتمنى أن تكون أمًا، ولكن لم يكن لديها دراية عن كيفية تربية الأطفال، وصارحتني على سبيل المزح: «كنت عايزة حاجة تسليني وأفضل ألاعبها وأجيب لها لبس حلو ونتصور سوا».
كانت تلك مزحة صادمة جدًا لي، نعم أعلم أن النتيجة الطبيعية للزواج من الممكن أن تثمر عن أطفال وذلك شيء عظيم، وضروري لاستكمال دورة الحياة الطبيعية، وضمان لبقاء العنصر البشري في الكون، لكن أين تكمن المشكلة؟!
سأعود إلى الوراء قليلًا وتحديدًا في أحد مشاهد الفيلم المصري «30 يوم في السجن» حين غنى أبطال الفيلم الثلاثة قائلين: «لو كانوا سألونا قبل ما يولدونا عارفين كنا نقول ايه؟ كنا نقول اعتقونا عشان يخلفونا في العهد اللي احنا فيه».
فبحسب دراسة حديثة نشرت بمجلة «ديموجرافي» تم التوصل إلى أن «قرار إنجاب طفل له تأثير سلبي على سعادة الزوجين، بل إنه من الممكن أن يكون أسوأ من الطلاق والبطالة أو موت شريك الحياة»، حيث وجد الباحثان اللذان قاما بالدراسة أن أغلب الأزواج بدوا سعداء للغاية عندما قرروا إنجاب طفلهم الأول، وأيضًا أثناء فترة الحمل كان رضاهم عن حياتهم أكبر، ربما بسبب ترقب المولود، لكن بعد الولادة اختلف الأمر بشكل كبير.
المشكلة هنا هل أنت كرجل أو أنتِ كامرأة مؤهلين لبناء أسرة؟ وتلبية احتياجات الطفل نفسيًا، واجتماعيًا، وماديًا، والتعايش معه؟ للأسف بنسبة كبيرة: لا إطلاقًا، فالمجتمع العربي مازال متمسكًا بأهداف وعادات بالية، تجعل نتائج قرارات الإنجاب كارثية في كثير من الأحيان.
وذلك يرجع لأن أي إنسان يحب أن يكون له أهدافه الخاصة، وشخصيته وأمنياته وأحلامه، بل وأيضًا مواهبه ومهاراته التي من الممكن ألا تتوافق مع من أتوا به لهذه الدنيا، والذين يظن الكثيرون منهم أن الرعاية هي مادية فقط.
وعن نفسي لا أعلم سبب الإصرار على قولبة الطفل ليتلاءم مع شخصية وتفكير والديه، واحتياجهم للتباهي والتفاخر به بالشكل الذي يروق لهم، ويتمنوا أن يحقق لهم أحلامهم؟! ولا أعلم لماذا يهمل الكثير من الأهالي الدعم النفسي والمعنوي لأطفالهم؟ غير عابئين بنتائج ذلك على المدى القريب والبعيد.
هل تعلم عزيزي القارئ أنه كما يوجد عقوق والدين فهناك أيضًا عقوق أبناء، وسوء معاملة يمكن أن يوصل للقطيعة التامة؟ فهل يُقَدِّر الإنسان المقبل على الزواج حجم المشكلة التي يتسبب فيها عندما ينجب شخصًا مشوهًا نفسيًّا وعاطفيًّا؟ هل هذا المجتمع ينقصه فوضى ووحشية ومعاملات اجتماعية سيئة ومعقدة أكثر؟
أيضًا، أساليب العقاب الخاطئة مثل: الضرب، والإهانة، والترهيب، تترك آثارًا سيئة جدًا وعواقب خطيرة على سلوك ونفسية الطفل، فهل سيستمر مسلسل التجارب على الأرواح البريئة التي لم تطلب أن تأتي لهذا العالم؟
وفي النهاية هناك كلمات أخيرة أود قولها: إذا أحببت/تِ وأردت/تِ الزواج فهذا حقك وهنيئًا لك/كِ، وإذا لم تحب وأردت فقط تلبية احتياج داخلي واتفقت أنت/تِ وشريكك/شريكتك على ذلك فهذا يعود إليكما، لكن ليس من حقك أن تنجب طفلًا لا علم لديك كيف تلبي احتياجاته، أنت في الغالب ما زلت لا تفهم جوانب نفسك بشكل كامل من الأساس.
اتركوا تلك الأرواح الحرة البريئة تلهو في ملكوت الله، لا تأتوا بها لهذا العالم وأنتم لستم أهلًا لذلك، فكر وتعلم كثيرًا عن هذه الروح وكن مسؤولًا بحق قبل اتخاذ هذا القرار.
The post أرجوك.. لا تلهو بالملائكة الصغار appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست
