الخميس، 30 يونيو 2016

ثقفني اون لاين : حق تقرير المصير بين الماضي والحاضر

الأكراد من بين الشعوب التي ظلمها القدر مرة، وظلمها الاستعمار أكثر من مرة.

الأكراد شعب ينادي باستقلاله منذ عدة قرون؛ فمسالة استقلال ليست وليدة اليوم، وهي من القوميات التي يتجاوز عددها فوق 80 مليون نسمة وليس لهم دولة؛ فمسالة الاستقلال حق مشروع لكل شعوب العالم.

نضال الأكراد نحو استقلال حقيقي بعد عدة قرون بدأ مع تفكك الخلافة العثمانية وبداية الاستعمار البريطاني للعراق؛ حيث بعد تفكيك الخلافة العثمانية انقسمت كردستان بين أربع دول وهي تركيا وإيران والعراق وسوريا، ومع بداية الاستعمار البريطاني للعراق طالب الأكراد بحق الاستقلال وتكوين دولة خاصة بهم، وتحققت مطالبهم في معاهدة سيفر في باريس؛ حيث تعد أهم معاهدة في حياة الشعب الكردي؛ لأنها أول اعتراف دولي بحق الكرد في الاستقلال وتقرير المصير، لكنها حال كل معاهدة التي تكون مجرد حبر على ورق حيث تم إلغاء معاهدة سيفر واستبدالها باتفاقية سايكس بيكو المشؤومة التي بموجبها يتم تقسيم كردستان على أربع دول «تركيا والعراق وسوريا وإيران».

بعد إقرار اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة «عام 1916» تساورت الشكوك إلى قلوب قادة الأكراد في السليمانية عن تنصل بريطانيا وفرنسا عن وعودها في إقامة دول كردستان؛ فأعلن الشيخ محمود حفيد الاستقلال في 19 ايار 1919 وما كان من قوات بريطانية إلا أن سعت إلى إخماد نار الثورة التي اشتعلت شرارتها في السليمانية ونجحت في إخمادها وتم نفي شيخ محمود الحفيد إلى الهند.

المعروف عن الأكراد الإصرار والشجاعة، وهذا كان واضحًا وضوح الشمس في شخصية الشيخ محمود الحفيد؛ حيث عاد إلى السليمانية في 30 أيلول 1922، تزامن عودة الشيخ محمود مع إصدار قرار من حكومتي بريطانيا والعراق إعلان حكومة كردية ضمن حدود العراقية فتشكلت الحكومة التي سعى إليها الشيخ محمود في سليمانية بقيادة الشيخ قادر الحميد وكانت خطوة إيجابية نحو إعلان الدولة؛ حيث إعلان الحكومة الكردية في سليمانية واللغة كردية لغة رسمية، ورفع العلم الكردي، وأصدرت أول طابع لكوردستان وأصدرت مجموعة من الصحف، ولكن الحكومتين كعادتهم تنصلا وتنكرا من القرار التي أصدرتها في 30 أيلول 1922 فأعلن الشيخ محمود الحفيد نفسه ملكـًا في تشرين الثاني 1922 فقامت القوات البريطانية في عام 1923 بمهاجمة السليمانية ونجحت القوات البريطانية في السيطرة على الثورة.

بعدها بعدة أعوام تجدد الأمل في دولة تجمع الأكراد تحت ظلها؛ حيث تم إعلان مهاباد جمهورية عام 1945 وكان القائد البطل قاضي محمد رئيس لها والفارس المقدم ملا مصطفي البارزاني رئيس لأركان الجيش لكنها لم تدم طويلاً استمرت 11 شهر تم القضاء عليه بس مصالح سياسية بين القوة العظمى.

سعى الأكراد بعدها وبقيادة الشجاع ملا مصطفي البارزاني إلى إقامة دولة كادت أن تنجح حين تولى عبد السلام عارف دفة الحكم في العراق حيث اتفق مع ملا مصطفى البارزاني على اتفاقية أبريل 1964والتي اعطت بعضًا من حقوق الأكراد، ولكن لم تدم الاتفاقية طويلاً بسبب تسلق القوميين إلى الحكم، فاندلعت حرب دامت 9 سنوات انتهت باضطرار الحكومة العراقية إلى إعلان حكم ذاتي للأكراد عام 1970 سرعان ما انتهت بنقض الاتفاقية باتفاقية الجزائر عام 1974 بين إيران والعراق بدعم أمريكي.

بعد ذلك لم تخمد نار الثورة في كردستان ضد نظام الظلم والاستبداد فما ارتكبه النظام الإجرامي من جرائم بحق الأكراد منها المعروف ومنها المكتوم والمعروف هي عملية حلبجة، حيث تم قصف مدينة حليجة بأسلحة كيمياوية وهي من الأسلحة المحرمة دوليًا وكذلك عملية الأنفال بحق المدن الكردية لكن كل ذلك لم يثني سعي الثوار الأكراد عن حلمهم، فتحقق لهم جزء مما أرادوا 1991 حيث تم إعلان إقامة حكم ذاتي في كوردستان العراق الذي ما زال مستمرًا إلى وقتنا الحالي.

لا نستطيع أن نقول إن الأكراد لم ينجحوا في الحكم الذاتي قبل 1991؛ لأن في كل مرة يقوم الأكراد بحكم أنفسهم أو إنشاء جمهوريتهم يتم القضاء عليها بسبب صراعات ومصالح دولية كما حدث في جمهورية مهاباد؛ حيث كان الصراع الأمريكي السوفييتي هو الذي أدى إلى إسقاط جمهورية مهاباد، وكذلك في عام 1970 كانت المصالح العراقية الإيرانية سببًا في انهيار الحكم الذاتي، وهذه أدلة لمن يقول إن الأكراد لا يستطيعون حكم أنفسهم بأنفسهم فلينظروا إلى ما بعد 1991 وإلى وقتنا الحاضر مضى 25 عامًا على حكم الذاتي نجحوا من خلالها في تطوير مدنهم وتقوية اقتصادهم وبناء علاقات دولية توصف بممتازة .

في الوقت الحاضر يسعى الأكراد إلى استفتاء حق تقرير المصير ليقرر الشعب الكردي مصيره وهي مجرد إجراءات روتينية لأن العالم أجمع يعرف أن نتيجة الاستفتاء هي مع إقامة الدولة وبنسبة كبيرة جدًا .

لكن هناك الكثير من معوقات تواجه الأكراد في إعلان دولتهم المستقلة سوف نذكر بعضًا منه:

«دول الجوار»

كلنا نعلم أن دول جوار ترفض فكرة الدولة الكردية في شمال كردستان العراق، فتركيا وإيران وسوريا تخاف على مصالحها الشخصية؛ فهي ترى إعلان دولة في الجزء العراقي نجاحًا للثورة الكردية فتؤدي إلى رفع معنويات المطالبين باستقلال في الأجزاء الأخرى من كردستان؛ ولذلك تحاول أغلب الدول عرقلة الجهود الكردية وحتى العراق نفسها يرضى في الإعلان عن دولة ولكن في خفاء يخشى وربما يعترض وبشدة، فهو يخشى خسارة محافظة غنية بالنفط والموارد الزراعية، وكذلك سوف يخسر أنبوب جيهان الشريان الرئيسي للاقتصاد العراقي، ومن جهة أخرى سوف يفقد صلة الوصل مع أوروبا بفقدانها المنافذ الحدودية المهمة، على الأكراد أن يسعوا إلى إرضاء دول جوار وطمأنتهم ومن ضمنها تركيا التي تعد منفذًا ممتازًا إلى أوروبا.

«الوضع الاقتصادي»

تمتلك كردستان وضعًا اقتصاديًا لا بأس به، لكنها لا يساعدها في السعي نحو إقامة الدولة، يحتاج الأكراد إلى قاعدة اقتصادية قوية لإعلان دولتهم.

«الاعترافات الدولية»

نجح الأكراد في الحصول على كثير من الاعترافات الدولية المهمة من الدول العالمية، لكن يبقى اعتراف أمريكا أهم بالنسبة للأكراد وأمريكا في الوقت الحاضر وعلى لسان وزيرة خارجية جون كيري صرحت «أن أمريكا مع وحدة العراق» وفي الحقيقة أن أمريكا مع مصالحها وليست مع أحد، اعتراف أمريكا مهم جدًا للقضية الكردية.

«التوافق الداخلي»

إذا كان الأمر بيد الشعب فالشعب متفق فيما بينه، الاختلاف بين الأحزاب فهناك من الأحزاب من يرى ضرورة البقاء ضمن دولة العراق وتمهل في الوقت الحاضر، وهناك أحزاب ترى أن فرصة إن لم تستغل قد تذهب بدون رجعه؛ من ضرورة وجود توافق داخلي بين الأحزاب.

في كل يوم تزداد رغبة الشعب الكردي في تقرير مصيرها والآن تمتلك القيادة والشعب الكردي فرصة لم يمتلكها أسلافهم من قبل، نتمنى أن يتحقق حلمنا مع قادم الأيام .

حلمنا يتحقق، دولتنا قادمة.

The post حق تقرير المصير بين الماضي والحاضر appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست