الجمعة، 30 يونيو 2017

ثقفني اون لاين : قطتي علمتني (10).. حياة على حساب حياة

حياة على حساب حياة!

لولا موت بعض الكائنات لماتت كائنات أخرى!، أعني أنه من الكائنات العليا من تعيش على جثث كائنات دنيا، سنّة كونية عجيبة يحار لها العقل ويخفق لها القلب، أتتني تلك التأملات وأنا أضع السمك لقطتي الوديعة لتأكله هنيئًا مريئًا، وتوقفتُ أتساءل ألا تسأل القطة نفسها لماذا تأكل كائنًا آخر؟! لماذا تتسبب في موت كائن بريء يتطلع إلى الحياة كما تتطلع هي؟! وما الذي فضّلها على ذلك الكائن الضعيف حتى تعيش على لحمه وعظمه؟!، القطة كائن لطيف و وديع، ترى فيه الجمال والبراءة في أعلى تصوراتها، ولكن حين تجوع تلك القطة لا ترى بأسًا في أن تعيش على حساب كائن آخر!، والعجيب أن كائنات مثل الأسماك والدجاج يموت منها المئات بل الآلاف كي تَطعم قطة واحدة لتعيش هي وحدها في مقابل دماء مئات أو آلاف من الكائنات المأكولة!، بل الأعجب والأفظع أن القطة حينما ترى فأرًا يجري تتخلى عن براءتها وتلقي وداعتها جانبا وتنقضّ على ذلك الفأر المسكين وتفترسه بين أنيابها ليسيل الدم على فمها تماما مثل دراكولا المتوحش!، ولك أن تتساءل حينها أين البراءة وأين صفة الحيوان الأليف الذي يتكلمون عنه!، ولماذا لا تعيش القطة مع جيرانها من الدجاج والحمام والأسماك بل الفئران في سلام وأمان؟! لماذا لا يعيشون على الطعام غير المسفوح ويتعايشون إخوانا متحابين مسالمين يعم بينهم الوئام والأمان؟!، ألا يكفي القطةَ أن تشرب اللبن وتأكل الجبن؟! نفس السؤال أوجّهه إلى عمّ القطة الأسد الغضنفر، لماذا أيها الملك لا تعيش على النباتات الغضّة الجميلة، ولماذا تختلق العداوات بينك وبين كل الحيوانات الأليفة المسالمة من حولك، لماذا الافتراس ولماذا السفك؟ أيّ لذة تجدها أيها الملك في نهش الكائنات البريئة التي لم تضرّك ولم تؤذك بل تهابك و تخشاك وتتجنب طريقك؟!، لنترك الأسد الذي يصعب معه ذلك التصور ولنعد إلى هرّتنا ونقول ألا تحاول الهرّة ولو محاولة واحدة أن تتخيل نفسها مكان ذاك الكائن المأكول ثم تفكّر بعقلها القطّي الرقيق مستشعرة الألم الذي يعاني منه ذلك الحيوان المسكين حين يُقتل في سبيل رغبة جوعها العارمة؟!، وألا نحسب رغبة القطة في افتراس الفأر الضعيف رغبة ساديّة منكرة؟!

قد يقول قائل: إن السادية رغبة في تعذيب الآخرين لمجرد التلذذ بذلك بدون أي منفعة أو مصلحة حقيقية ولا يصح هنا هذا الوصف مع تحقق المصلحة بإشباع جوع القطة!، ولكن لا نلبث حين نفكر أن نجد القطة المرفّهة التي تجد طعامها وشرابها جاهزًا حين تجد الفأر يجري أمام عينيها تثور ثائرتها و تشتعل داخلها رغبة جامحة لا يمكن السيطرة عليها في الفتك بهذا الكائن البريء!، فماذا نسمي هذه الحادثة سوى أنها سادية مطلقة؟! بل تتعدى تلك السادية المختلف عليها فردا من نوع القططة لتقفز إلى جميع بني الهررة فتصير صفة وراثية متداولة يكتسبها الأبناء من الآباء ويتعلمونها بواقع البيئة والحياة الغريبة كما وصف الشاعر: (والشبل يأكل مما يفرس الأسدُ!)، ويزداد التعجب حين ترى هرة صغيرة لم تر فأرا في حياتها الفتيّة من قبل ترى فأرا يسير في سلام فتطارده بكل ما أوتيتْ من خفة وحركة لتقتنصه و تشعر بنجاحها وفخرها أمام نفسها وأمام أقرانها!، حتى صارت تلك الرغبة العدوانية من قبل الهرة نحو الفئران مضرب المثل، كمثل مصطفى صادق الرافعي يصف الزمان:

كأن الدهرَ أُلبسَ جلــــــدَ هرٍّ …..وكلُّ مُملكٍ في الناسِ فــــــــــارُ

أعود لأطرح تساؤلا بريئا في لحظة تخليتُ فيها عن ذاتي البالغة ونزعتُ فيها إلى ماضيّ الطفولي لماذا يأكل الكائنات بعضُهم بعضا؟!

بعضهم يأكل بعضًا مثلـــــــما….. تأكل الأذؤبُ فى الليل الرمـاما

ليتنى كنتُ بوادٍ طـــــــــــائرًا ………. يلقطُ الحَبَّ فإن لم يلقَ صــــاما

أليس في أرض الله الواسعة مراغمٌ و مذهب لرائمي الرزق بعيدًا عن زهق الأرواح و تفجير الدماء؟!، وأليس أولى للهرة البريئة ألا تتخلى عن برائتها و ترضى بالجبن والخبز واللبن؟!، ولماذا لا تحيا القططة في اطمئنان و وئام مع بقية الكائنات الصغيرة من دجاج و سمك وفئران لا يأكل أحد منها أحدا؟!

هو مجرد تساؤل طفولي وليس جنونا مني ولا يُسأل الطفل عما يسأل وإنما يطالب البالغ العاقل باحترام سؤال طفله والإجابة عليه بالمنطق والعقل السليم!

The post قطتي علمتني (10).. حياة على حساب حياة appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست