الاثنين، 1 مايو 2017

ثقفني اون لاين : الملابس والأزياء والشيطان والإنسان في (سورة الأعراف) 

النداء الأول للإنسان، يا بَني آدَمَ قَد أَنزَلنا عَلَيكُم لِباسًا يُواري سَوآتِكُم وَريشًا وَلِباسُ التَّقوى ذلِكَ خَيرٌ ذلِكَ مِن آياتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ ﴿٢٦﴾.

– فقد علم (بني آدم) الآن جانبًا مما حدث لأبويهم الأوليّن، وهبوطهما من الجنة حاملَيِّنِ ذكرى ونتائج معصيتهما، وهما مستتران بلباس من أوراق شجر الجنة، ليكون التستر باللباس وإخفاء العورات، هو أول فعلٍ سعيًا لعمله بعدما ذاقا ثمار الجنة المحرمة، وبعد ارتكابهما المعصية الأولى، فكان همهما الأول حين هبطا إلى الأرض هو درء مظهرٍ من مظاهر معصيتهما ومن نتائجها الذي تمثل في نزع ما كانا يستتران به من لباس.

– فجاءت هذه الآية خطابًا من الله إلى ذرية آدم وأجيالها اللاحقة، يذكرهم بمنة الله عليهم وعطائه لهم باللباس وما يصلح له تمكينًا لهم من ستر عوراتهم ومن التزين بالثياب.

– وينبههم إلى أن لباس التقوى وخشية الله خير، فإن كان اللباس والرياش تستر العورات في ظاهرها، فالتقوى لباس يستر عورات النفوس، ويصلح عوارها، ويقي فتنة الشيطان ويحبط كيده لاجتياز احتشام الأجسام أو هتك حجب الأرواح وتدنيس طهرها.

ولم يمنع (لباس آدم وزوجه) وسوسة الشيطان لهما ولا استجابتهما له وعصيان ربهما، ولكن ربما كان (لباس التقوى) يحميهما لو تدثرا به حينذاك.

 تلك فطرة ولدت بميلاد البشرية وهي الميل للاحتشام وستر العورات، وذلك اللباس الذي هيأه الله للبشر، والتقوى التي جعل منها لباسًا واقيًا حين تتهالك أو تتهافت الحجب والألبسة المادية، كل ذلك من آيات ونعم الله على (بني آدم). ونعم الله على (بني آدم).

ويدعو الله (بني آدم) إلى التذكر والتفكر في آيات الله في ذلك (الملبس) الذي هيأه لهم، وألاَّ يجعلوه وسيلةً لعصيان الله ورفعًا لراية الشيطان.

ويتمكن الشيطان من البشر فيجعل الثياب والملابس وسيلة الانحراف وإغواء الناس وإثارة الشهوات والفساد وعصيان الله والكفر به.

 وبالتأمل في أحوال البشرية فيما قبل القرن العشرين وما تلاه، نجد أن الشيطان قد حقق من خلال ألبسة النساء والرجال مما لم يحققه من قبل، فقد صار العري والخلاعة سمة وعلامة تحضر، وجزء هام من التكوين الاجتماعي لمجتمعات البشر، وصارت أفلام السينما وما يعرضه التلفاز والتجمعات الاحتفالية ومؤسسات العمل والشواطئ والأندية وغيرها أماكن لاستعراض (لباس) المرأة والسفور و(الاختلاط) غير المنضبط خاصة بعد تقديم المرأة للعمل والاصطفاف مع الرجال في كافة الأعمال والوظائف، وقد ساهمت الصهيونية العالمية في رعاية هذا التحول الإنساني المقصود والمخطط له، وفي تطوير القوانين والدساتير وإنشاء المؤسسات والتوجهات الإعلامية وعروض الأزياء وتجارة الجنس وابتذال المرأة.

-* والنداء الثاني إلى (بني آدم): يا بَني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوآتِهِما إِنَّهُ يَراكُم هُوَ وَقَبيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَونَهُم إِنّا جَعَلنَا الشَّياطينَ أَولِياءَ لِلَّذينَ لا يُؤمِنونَ ﴿٢٧﴾.

يحذر الله سبحانه البشر من فتنة الشيطان ومن غوايته لهم، فهو وقبيلته وجنوده يتربصون ببني آدم، فهم يرونهم ويرقبونهم، والبشر لا يرونهم، يصل بوساوسه إلى الناس من نفس المنافذ التي نفذ بها إلى أبويهما في الجنة من قبل، وبنفس الوسائل، فيعمل على (نزع لباسهما ودفعهم إلى العري)، وإظهار العورات وإثارة الشهوات فيعصون ربهم ويتذوقون الشجرة التي حرمها الله عليهم.

إذا نظرنا إلى حال البشرية اليوم وهي على مسافة زمنية شاسعة تقدر بالآلاف من السنين، منذ قصة خلق آدم وزوجه مع الشيطان، وهبوطهم جميعا من الجنة، نتأمل والإنسان في ذروة حضارته المادية والصناعية، وقد دانت له قوانين الطبيعة وارتاد الفضاء واختصر المسافات وامتلك السيادة على قوى وأسرار كبرى من نواميس الكون.

– نتأمل (بني آدم) وكيف نجح (الشيطان) معهم، فاستطاع أن ينخر في جسد هذا التقدم وتلك الحضارة التي يقيمها البشر ليسقطها في حمأة المعصية والانحطاط الأخلاقي، فكما فعل مع (آدم) في الجنة، فعل مع كل (بني آدم) في الماضي ويفعل في الحاضر وسيفعل في المستقبل. 

إنه ينزع عن البشر (لباسهم ويظهر عوراتهم ويثير شهواتهم)، بتصاميم الملابس وتقاليع الأزياء، بالفنون المرئية والمسموعة، بالشعر والأغاني والصور والقصص، بالاختلاط والاجتماعات والحفلات، بدعاوى التحرر التي تتجاوز الحريات الشخصية إلى التعري وإشاعته، والفحش والحث عليه، وتنحدر الحضارة البشرية، بالرغم تفوقها إلى هوة الانحلال، وتتراجع قيمها الخلقية إلى المستوى الحيواني، بطاعتها للشيطان، وبتسابقها لاتباع خطواته والتزام غواياته، وتستمتع بالضلال وتحتفي بالكفر، ويحيا البشر تعساء رغم رفاهية حضارتهم المتقدمة، فيتفشى فيهم انهيار الأسر والانحراف النفسي والاكتئاب والانتحار والاقتتال والصراع الدامي بين الأفراد وبين الأمم والحروب والإبادة.

وتمضي حياة البشر في المعاصي واقتفاء (صراط الجحيم)، طريق الشيطان الذي فتنهم وأطاعوه.

– ولقد جعل الله الشياطين أولياء وأوصياء وأئمة لمن يتبعونهم من الكفار.

The post الملابس والأزياء والشيطان والإنسان في (سورة الأعراف)  appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست