الثلاثاء، 31 يناير 2017

ثقفني اون لاين : لكنه طفل!

من المؤكد أن لكل أسرة صغيرة حلمًا ناشئًا، ينمو بنمو الجنين في بطن أمه، وتتوالي الأحلام والخيالات لحياة سعيدة بنكهة مختلفة سوف تبدأ مع صرخة الميلاد لهذا الطفل على هذه الدنيا، ويبدأ منها بناء المستقبل المجهول لفرد الأسرة الجديد، وتظل مسيرة الحياة تنقضي هكذا إلى أن تأتي اللحظة المشؤومة لكلا الأبوين، عندما يكتشفون عدم نمو طفلهم المدلل المتربع علي عرش القلوب بشكل طبيعي فهو يعاني من التوحد، وتبدأ الانهيارات لكل الأماني الغالي منها والنفيس، وتأخذهم الصدمة بعيدًا، وتتطاير الأفكار وتتشتت كفقاعات الصابون في مهب الرياح العاتية، ومن هنا تتوالي الأسئلة التي لا تسهل لها أي أجوبة:

لماذا نحن؟

هل قصرنا في شيء؟

ما الأسباب؟

هل من علاج؟

ماذا نفعل الآن؟

أعزائي الآباء والأمهات أقدر كثيرًا كم الإحباطات والصراعات التي عانيتموها، لكن لم كل هذا وعندنا سبيل للأمل للوصول بالأوضاع إلى ما هو قريب من الطبيعي؟!

بداية يجب الإيمان أن طريق الوصول للنجاح مع طفل التوحد بشكل خاص والطفل ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام هي الأسرة؛ الإيمان بالطفل وبقدراته والفخر به وعدم إشعاره بأنه مذموم، وأيضًا عدم تركه لأعين المجتمع الساخطة وردود الأفعال السلبية مما يؤدي إلى سوء الحال مما هو عليه.

فالأسرة في وضعنا هذا تكون هي كل عالم الطفل، بحيث يتوقف عليها أغلب عوامل المساعدة وقدرتهم على توفير طوق النجاة له، بحيث توفر الرعاية الطبية الشاملة، والاستشارات التربوية من الأخصائيين ومتابعة تطبيق البرامج التأهيلية والعلاجية على الطفل، وملاحظة أي متغيرات قد تطرأ على الطفل، ويتطلب لنجاح عملية المساعدة للطفل أربعة عوامل أساسية عامة يجب توافرها، ألا وهي:

أولًا: تقبل الآباء:

حيث إن الآباء هم الأساس في تقبل المجتمع والأسرة والعائلة لهذا الطفل ومساعدته بحيث إذا كان مقبولًا لأبويه كانت المساعدة للطفل على نطاق أوسع وبشكل أفضل.

ثانيًا: التواصل الجيد:

حيث إن الآباء هم باب الحياة لأبنائهم ولتقبلهم في المجتمع المحيط بهم كما ذكرنا سابقـًا فعلى الآباء أن يشجعوا كل فرد من أفراد الأسرة في أن يعبر عن عواطفه ويبوح بمكنون فؤاده، وأن يستمعوا لما يقوله الآخرون دون إصدار الأحكام على ما يقولون، وبوسع الآباء أن يحثوا أطفالهم وأن يرتبوا لهم لقاءات مع أشقاء أطفال معاقين.

ثالثـًا: الدعم النفسي:

حيث يحتاج الأبوين إلى الدعم النفسي الذي يساعدهم علي تكملة المسير، ويكون ذلك في أغلب الأحيان من خلال الجلسات التأهيلية الجماعية، بحيث يتم ترتيب لقاءات لهم مع آباء الأطفال الذين يعانون بمثل معاناتهم لنقل الخبرات والتجارب وتلافي ما تم الوقوع فيه من أخطاء كي لا تتكرر.

رابعًا: سلطة العائلة:

لعل شعور الآباء بالضغط والسيطرة وإمساكهم بمقاليد أمورهم وأمور طفلهم، يساعد بدرجة كبيرة في التكيف مع الطفل التوحدي، وتلك السيطرة تعرف باسم سلطة العائلة.

وهناك أيضًا بعض المعوقات التي تواجه الآباء وتؤثر سلبًا عليهم وعلى الأطفال:

1- عدد أفراد الأسرة: بحيث كلما زاد عدد أفراد الأسرة زادت صعوبة تخصيص وقت لمتابعة ابنهم التوحدي ومساعدته.

2- القلق والانشغال الزائد عن الطفل: وذلك بسبب عمل الأب والأم لساعات طويلة خارج المنزل مما يجعلهم غير متفرغين للطفل.

3- تسلل اليأس إلى الأب أو الأم أو كليهما معًا وأنه لا فائدة من كل هذه الخطوات التي تقام.

4- مشاعر الإخوة تجاه أخيهم التوحدي: ففي بعض الأحيان تكون مشاعر سلبية وقد تكون بسبب الغيرة من اهتمام الوالدين الزائد به دونًا عنهم، أو شعورهم بأنه مختلفٌ عنهم مما يجعلهم يتجنبونه.

5- الحماية الزائدة: وذلك بسبب خوف الآباء دومًا على أبنائهم المصابين بالتوحد مما قد يساعد في فشلهم في الخطط العلاجية وليس في نجاحها، فعلى الآباء ترك فرص المواجهة والتعامل من قبل أطفالهم، من خلال بعض التجارب والمواجهات التي تلائمهم.

إن التقدم والتطور في مهارات الطفل التوحدي، ومدى نجاح البرامج العلاجية والتأهيلية المقدمة متوقف على مدى التعاون بين الأخصائيين والأسرة، وعلى درجة مثابرة الوالدين في العمل مع طفلهما، وتشير الدراسات بأن 20-30% من الحالات ذات الطيف التوحدي التي تتسم بالذكاء العادي تتحسن مع التدريب، وأن أكثر من 70% من حالات التوحد تستمر معهم ويبقون بحاجة إلى رعاية تامة لعدم تحقيقهم الاستقلالية التامة في قدرتهم على تحقيق احتياجاتهم الأساسية.

طفل التوحد يحتاج منا عيونًا يقظة وعقولًا متفتحة، لكي نقوم بمساعدته ومد يد العون له والوصول به إلى بر الأمان، فهم أطفالنا ونحن المعنيون بالتكفل بهم في كل الأحوال، وعدم التقصير في حقهم أبدًا، وتقبلهم بصدر رحب بقدر المستطاع، حتى لا نكون عبئًا عليه نحن أيضًا، فإن في سوء المعاملة عقابًا له لما هو عليه من حال وهذا ليس بيده، بل بيد الخالق سبحانه وتعالى، فالتوحدي رغم ما به من مسببات للزيادة من صعوبة الحياة بسبب وجوده، لكنه طفل.

The post لكنه طفل! appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست