الأحد، 31 يوليو 2016

ثقفني اون لاين : وصف الحلة المصرية باللغة التركية

لا شك أن أية محاولة لعقد مقارنة بين الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا يوليو (تموز) 2016، ونظيره الناجح في مصر يوليو (تموز) 2013 هي محاولة بائسة بكل المعايير.

يعضد هذا الرأي وجود «حزب العدالة والتنمية» (الحزب الحاكم) في السلطة في تركيا قرابة الأربعة عشر عامًا، استطاع من خلالها خلق كوادر مؤيدة له داخل المؤسسات المختلفة، بل إن هذه الكوادر تواجدت في كثير من الأحيان في أعلي هرم المؤسسة، وهذه الكوادر ليست شخصيات منتخبة يمكن تغييرها بالانتخابات، بقدر ما هم أشخاص داخل جهاز الدولة لا يتأثر وجودهم بتقلبات العملية الانتخابية أو تغيرات الأمزجة السياسية .

إلا أن هناك ثلاثة أمور غاية في الأهمية أراهم قد غفل عنهما كثير ممن كتبوا في شأن انقلابي تركيا ومصر .

الأمر الأول: أن تجربة الإسلام السياسي في الحكم، لم تبدأ بتجربة العدالة والتنمية، بل بدأت بتجارب عديدة من قبل، أهمها: تجربتا «عدنان مندريس» و«نجم الدين أربكان»، واللتان تم إجهاضهما بانقلابين عسكريين، أحدهما خشنًا، والآخر ناعمًا، ومن المؤكد أن هذه التجارب أصقلت رؤية العدالة والتنمية حين وصل إلى الحكم.

الأمر الثاني أن المقارنة بين نخبتي تركيا ومصر تنطوي علي مغالطة كبيرة؛ وذاك لأن النخب العلمانية التركية، وإن كانت تناصب الإسلاميين العداء، إلا أنها لا تنكر حقهم في التواجد داخل حلبة السياسة مع تحفظاتهم علي أدواتهم داخل الحلبة.

أما النخبة المصرية فهي لا تدعم حق الإسلام السياسي في التواجد داخل الصراع السياسي، وهؤلاء هم أكثر النخب تسامحًا؛ إذ إن الشريحة الواسعة من هذه النخب في مصر ترى أن لا يحق للتيار الإسلامي الوجود علي قيد الحياة، سواء بممارسات دعوية أو سياسية؛ مما يدفعها دائمًا للاستعانة بالعسكر الذين يملكون القوة الخشنة لسحق خصومهم الإسلاميين.

الأمر الثالث، والأهم: وهو أن الجيش في تركيا، وإن كان تواقًا دائمًا للوصول للسلطة، فإنه يعلن دائمًا عن علمانيته، وبالتالي كون التيار السياسي الإسلامي يتحدث من رؤية دينية إلى جانب الرؤية السياسية، فهذا لا يضر العسكر في شيء، وهو معلنون لعلمانيتهم، بل إن دستور الدولة ينص علي أنها دولة علمانية؛ ما لا يستدعي حملات للتشويه، أو التخوين، بل قد تستخدم هذه الدعاية الدينية في بعض الأحيان لاتخاذها ذريعة للانقلاب على الحكم؛ بدعوى الحفاظ علي العلمانية التي نص عليها الدستور، وذلك علي العكس من مصر، التي ينص دستورها على أن الدين الإسلامي هو دين الدولة، وان الشريعة الإسلامية هي مصدر من مصادر التشريع، إضافة إلي تأثر الجماهير بالفكرة الدينية، وإن كان تأثرًا سطحيًا؛ ما جعل العسكر يريدون لأنفسهم أن يبقوا المتحدث الوحيد باسم الدين (يظهر ذلك في عملية تأميم المساجد التي تجري منذ الانقلاب، وحتى الآن)، فلا يريدون لأي متحدث آخر باسم الدين أن ينافسهم، خصوصًا وان كليهما: العسكر والتيار الإسلامي، أو الإخوان المسلمين تحديدًا يحملون مشروعًا سلطويًا يتخذ من الدين وسيلة لإخضاع عقول الناس نحو توجهاتهم، فيبقى على العسكر إن أرادوا الاحتفاظ بالسلطة، سحق كل من يبني مشروعًا سياسيًا ذا صبغة دينية، ناهيك عن التحريض المستمر من النخب العلمانية، واستعدادها لتمثيل أدوار مسرحية في الفضاء السياسي؛ من أجل تبرير عمليات الإبادة للتيار الإسلامي، لاسيما وهم يمتلكون منابر إعلامية تسعى لغسل العقول، طبقا لما يمليه الحاكم العسكري عليهم.

The post وصف الحلة المصرية باللغة التركية appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست