تعرضت لحادث أليم أفقدها الذاكرة والقدرة على الحركة، أجمع الأطباء أن نسبة تحسن حالتها ضئيلة جدًا؛ لدرجة أن أمها دعت الله ـ إن لم يكتب لها النجاة ـ أن يسترد أمانته!
ولكن لطف الله بها، وتحسنت حالتها كثيرًا، على غير المتوقع؛ مما زادها أملًا وإصرارًا أن تستعيد عافيتها من جديد؛ حتى جاء أحدهم وأكد لها أنها ستعود كما كانت تمامًا في فترة قصيرة لن تتجاوز نصف عام، استمرت على العلاج، وكل أملها أن تمر هذه الفترة سريعًا حتى تعود كما كانت؛ ومرَّ النصف عام، وتحسنت حالتها فعليًا، لكن لم ترجع كما كانت، ومر العام، ولم تعد لكامل عافيتها، وللأسف، ولا حتى كحالتها منذ نصف عام، نعم فقد انتكست الحالة!
لو حللنا الموقف لوجدنا أن البداية كانت إحباطًا ويأسًا شديدًا، ثم لطف من الله ترتب عليه أمل محمود، ثم وهم زائف، نتج عنه انتكاسة (يأس وإحباط من جديد).
الأمل هو من أهمّ عناصر السعادة في الحياة؛ فهو يبعث الفرح والطمأنينة، يُحفّزنا على الصمود والمثابرة وعدم الاستسلام، فليس هناك أجمل من كلمات تبعث الأمل في نفوسنا، وتزيد حياتنا روعةً وجمالًا؛ لذا فالأمل يعتبر هو القوة الأساسية في حياة الإنسان التي يصعب العيش بدونها، وهو حقٌ مشروع، لا حياة، ولا سعادة، لمخلوق من دونها، لكن حينما نمارسه بتمادٍ دون استبصار، ورفع للواقع، يصبح ذنبًا للنفس لا حقًا لها، يضرها بدلًا من أن ينفعها.
طبيعة النفس البشرية عند وقوع حدث صعب عليها تحتاج لشيء يخفف هذا الألم، فتبدأ بنسج بعض الأوهام في صورة أمل، ومن ثم تمارس بعض الحيل اللاشعورية لإقناعها بمنطقية آمالها، وتنتظر أن يتحقق الحلم، لكن دون جدوى، وكلما أخفقت وتكررت خيبات الأمل كلما كان وقعها على النفس أشد، حتى تتبين الحقيقة أمامها، لكن بعد فوات الآوان.
من أكبر الأخطاء التي يرتكبها إنسان في حق نفسه أن يضع لنفسه أحلامًا وآمالًا صعبة المنال، سواء كان السبب أنها غير متوافقة معه، أو أنها بعيدة جدًا؛ عنه مما يجعل حدوثها مستحيلًا عقلًا ومنطقًا.
لو نظرنا لموقف سيدنا مُحمَّد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ مع «آل ياسر» ـ رضوان الله عليهم ـ وقت تعذيبهم من كفار قريش، عندما قال لهم «صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»، وموقفه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقت غزوة الأحزاب، عندما بَشَّر أصحابه بالفتح والنصر المبين؛ لوجدنا أنه في الموقفين أعطاهم الأمل، لكن كل موقف حسب واقعه وظروفه، ففي الموقف الأول لم يبشرهم بالفتح والنصر، بالرغم من نبوءته صل الله عليه وسلم؛ لأنه كان وقت استضعاف المسلمين، عكس وقت غزوة الأحزاب التي تلتها انتصارات المسلمين في غزوات عدة.
فتتطلع كالدائم للأفضل، وحسن ظنك بالله، ومقاومتك لليأس؛ لا تُعني أبدًا أن تُعلق نفسك بأمل زائف، وأحلام واهية.
وتذكر أن الحقيقة، والواقع مهما كان قاسيًا، فهو أهون بكثير من أمل تُعلق به نفسك أو غيرك، ثم تكتشف بعد ذلك أنه أمل زائف مستحيل أن يتحقق بأي شكل من الأشكال.
The post الأمل الكاذب appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست