إن صيحات الاحتجاج العامة تتجاهل ما هو واضح جلي: الاتحاد الأوروبي ساعد السلطات نفسها المتهمة باستعباد المهاجرين، بهدف وقف الهجرة إلى أوروبا.
أذاعت قناة «سي إن إن» في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، مقطعًا مصورًا يظهر فيه تجار يبيعون ويشترون مهاجرين من غرب أفريقيا، بمقابل مئات الدولارات في أحد الأسواق الليبية. كانت ردود الأفعال الغاضبة سريعة وعالمية، إذ نظم متظاهرون مسيرات مناهضة للعبودية الحديثة في العاصمة الفرنسية باريس، وفي بامكو عاصمة مالي، بينما وصف الأمين العام للأمم المتحدة الأمر بأنه «الأكثر فظاعة» ودعا إلى «محاربة هذه الآفة».
جاء ذلك في مقدمة تقرير أعده الصحافي والمصور جوي بيني، ونشر عبر موقع «كوارتز»، ويضيف بيني أن رؤساء كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، استدعوا سفراء ليبيا لدى بلادهم، بينما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن، وقال معلقًا على الأمر إن تجارة العبيد في ليبيا هي «جريمة ضد الإنسانية» وأضاف: «أتمنى أن نقطع شوطًا في حربنا ضد المهربين الذين يرتكبون مثل تلك الجرائم».
اقرأ أيضًا: مترجم: لماذا تتعمد السفن الأوروبية عدم إنقاذ المهاجرين من الساحل الليبي؟
عدد من المهاجرين غير الشرعيين فارون من أفريقيا في طريقهم إلى السواحل الأوروبية على متن قارب صغير -نوفمبر (تشرين الثاني) 2008
وينقل الكاتب ما قالته فيديريكا موغيريني، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «إن مظاهر العبودية والاتجار بالبشر مرفوضة بالنسبة لنا على الجانبين الأوروبي والأفريقي»، جاء ذلك في حين طالب الرئيس ألفا كوندي، رئيس الاتحاد الأفريقي ورئيس غينيا، بإنهاء مثل تلك الممارسات.
لكن يبقى الكشف عن ممارسات المليشيات الليبية والسلطات الحكومية – يقول بيني – من استعباد المهاجرين وإساءة معاملتهم، أمرًا ليس جديدًا. يستدل الكاتب بما جاء في خطاب موغيريني في البرلمان الأوروبي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، إذ قالت: «قد مرت سنوات ونحن الأوروبيين نقول إننا يجب علينا التصدي للموقف المؤثر الذي يقف فيه إخواننا وأخواتنا الأفارقة المستعبدين في كلتا القارتين».
يرى بيني أن صيحات الاحتجاج العامة تتجاهل ما هو واضح جلي: الاتحاد الأوروبي ساعد السلطات نفسها المتهمة باستعباد المهاجرين، بهدف وقف الهجرة إلى أوروبا.
اقرأ أيضًا: «واشنطن بوست»: اتفاق أوروبي مع ليبيا قد يعرض المهاجرين للاستعباد
أشار بيني إلى تقرير الأمم المتحدة الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، والذي أفاد أن خفر السواحل الليبي وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية «متورطون بشكل مباشر» في استعباد المهاجرين الذين يحتجزونهم. وكان الاتحاد الأوروبي والناتو دربوا خفر السواحل الليبي وعملوا جميعًا خلال مهمة «صوفيا» – وهي مهمة قامت بها القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي – التي كانت تستهدف إيقاف المهربين.
وأضاف بيني أن قوات الاتحاد الأوروبي استمرت في دعمها حتى بعد صدور تقارير الأمم المتحدة عن العبودية، ورغم عدد من التقارير الصادرة عن منظمة حقوق الإنسان، حول الإساءة البالغة التي يتعرض لها المهاجرون على يد قوات خفر السواحل، وهي القوات التابعة للحكومة – المعترف بها من قبل الأمم المتحدة – في طرابلس.
يذكر معد التقرير أن الاتحاد الأوروبي وإيطاليا يقومون بتمويل «مراكز عمليات» تابعة لخفر السواحل الليبي للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ، وذلك بحسب ماريو موركون، وهو ممثل وزارة الداخلية المسؤول عن نظام الهجرة الإيطالي. ونقل بيني ما قاله موركون في كلمته أمام لجنة «الحريات المدنية» بالبرلمان الأوروبي في جلسة استماع عقدت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري: «المشروع كله سيكلف 285 مليون يورو».
مهاجرون أفارقة غير شرعيين محتجزون من قبل قوات تابعة للأمم المتحدة -أكتوبر (تشرين الأول) 2017
كما أشار تقرير للاتحاد الأوروبي تم تسريبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أن العمليات الرئيسية التي يقوم بها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي «تضمنت اعتقال أعداد من المهاجرين غير الشرعيين»، كما أن التقارير الصادرة حول مراكز الاحتجاز «تصف خروقات مقززة لحقوق الإنسان، منها العنف المفرط، والاعتداء على المحتجزين، بما يتضمن الاعتداء الجنسي، والاستعباد، والدعارة الإجبارية، والتعذيب، والمعاملة بقسوة».
كما أشار تقرير الاتحاد الأوروبي – بحسب الكاتب – إلى دعم المنظمة العالمية للهجرة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي في وقت إعداد التقرير – تتلقى منظمة الهجرة العالمية جزءًا كبيرًا من مساعداتها من الاتحاد الأوروبي. كما أن منظمة الهجرة العالمية اعترفت بوجود أسواق العبيد في أبريل (نيسان) الماضي. يوضح بيني أن المسؤول الإعلامي في المفوضية الأوروبية رفض التعليق على الوثائق المسربة.
إذًا – يستطرد بيني – بينما يبكي قادة أوروبيون العار ويعبرون عن غضبهم إزاء المقطع الذي بثته «سي إن إن» الذي يظهر استعباد المهاجرين، ويظهر الرئيس ماكرون في جامعة بوركينا فاسو يقول في خطابه أمام الطلاب إن الخطأ لا يقع على عاتق أوروبا لأن «الأفريقي يستعبد أفريقيًا»؛ فبينما يحدث ذلك يبدو الأمر أن قادة أوروبا يفضلون رؤية المهاجرين مستعبدين في ليبيا على أن يكونو أحرارًا في أوروبا.
في نهاية المطاف – يقول بيني في ختام تقريره – لدى الاتحاد الأوروبي برنامج مدته خمس سنوات لتوفير 8 مليار يورو (9.5 مليار دولار) من أجل تحسين التحكم في الهجرة من الشرق الأوسط وأفريقيا. سيجعل هذا البرنامج من السهل إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم من خلال شراكات دولية. كما أن البرنامج سيتضمن التركيز على خلق فرص عمل والتدريب المهني.
The post مترجم: غضبهم لاستعباد المهاجرين في ليبيا «نفاق».. كيف ساهم قادة أوروبا في ذلك؟ appeared first on ساسة بوست.
لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست