الأربعاء، 31 مايو 2017

ثقفني اون لاين : نهائي كارديف.. نهائي السطوة والتمنع

كارديف؟ في أية دولة تقع تلك المدينة؟

سؤال دار في عقول الكثيرين من متابعي كرة القدم؛ بعد ما عرفوا أن نهائي دورى الأبطال 2017 سوف تحتضنه تلك المدينة غير الشهيرة نسبيًا!

العاصمة الويلزية – ولأول مرة في تاريخها – ستستضيف الحدث الكروي الأهم عالميًا على صعيد الأندية، حين يكون ملعب الألفية مسرحًا يشهد صراع النهائي الأوروبي الكبير لتنضم إلى قائمة المدن البريطانية التى حظيت بشرف استضافة نهائي دورى الأبطال بعد لندن ومانشستر وجلاسكو.

نهائي هذا العام يعود بأذهان الجميع تسعة عشر عامًا إلى الوراء؛ حين تقابل الفريقان في أمستردام عام 1998، واستطاع المهاجم اليوغسلافى مياتوفيتش تسجيل هدف المبارة الوحيد؛ ليفوز الأبيض الملكي بلقب طال غيابه اثنين وثلاثين عامًا.

في ذلك اللقاء كانت أحوال الفريقين مختلفة عن أحوال هذا العام؛ في عام 1998 كان فريق ريال مدريد يريد أن يعود ملكًا لأوروبا، كما كان قديمًا، بعد أن تسودها في منتصف القرن الماضي بقيادة الفذين: بوشكاش، ودى ستيفانو، سيطرة تامة تشكلت بعد حصد خماسي للبطولة من عام 1956 إلى عام 1960، قبل أن يفوز الفريق ببطولة عام 1966؛ ليدخل بعدها في بيات أوروبي شتوي طويل جدًا تخطى ثلاثين عامًا .. وعلى الرغم من أن الفريق استطاع في منتصف الثمانينات أن يحصد بطولة كأس الاتحاد الأوروبى مرتين متتاليتين .. إلا أنه ظل بعيدًا عن البطولة الأهم، والتي تعد السبب الرئيس في بناء مجده القاري؛ فتحولت البطولة عند جماهير العاصمة الإسبانية إلى مجرد ذكرى يتغنون بها … لذا كانوا يرون في ذلك النهائى أملًا للعودة إلى منصات التتويج الأوروبية. وقد كان.
فريق اليوفنتوس لم يكن يملك تاريخ منافسه أوروبيًا، ولكنه كان يعيش في واحدة من أفضل الفترات في تاريخه محليًا وأوروبيًا؛ كان الفريق شبه المسيطر على صراعات الكالتشيو – أقوى بطولات الدوري في العالم حينذاك – كما أن الوصول للنهائي الأوروبي الثالث على التوالي، كان يعنى أنه أكثر فرق أوروبا ثباتًا في المستوى آنذاك، ولم يكن أمرًا هينًا أبدًا .. فاز بالنهائي الأول عام 1996 أمام أياكس أمستردام، وخسر الثانى أمام بورسيا دورتموند … وكان النهائى الثالث فرصة لإثبات تفوق أوروبى لم يتحقق.

إذن كان صراعًا بين حاضر اليوفنتوس وتاريخ الريال حُسم لصالح الأخير.

هذا العام، الصراع يبدو مختلفًا .. كان ذلك اللقاء بوابة الرجوع التي دخل من خلالها الفريق الملكي إلى ساحات المجد الأوروبي مجددًا؛ فاستطاع أن يعتلي منصة التتويج الأوروبية أربع مرات متتالية مع نجاحات محلية متباعدة. أما فريق اليوفنتوس، فبالرغم من وصوله للنهائي مرتين بعد ذلك اللقاء، إلا أن تحقيق اللقب كان عصيًا عليه فى المرتين … أما محليًا، فالفريق يغرد خارج السرب حرفيًا بتحقيقه الثنائية المحلية للعام الثالث على التوالى، وكأن اليوفنتوس في واد وباقي أندية الكالتشيو في واد آخر! وكأن صراع هذا العام بين خبرة الريال الأوروبية وعنفوان اليوفنتوس المحلي الذي يريد أن يحيله أوروبيًا.

بدأ ريال مدريد المباريات الإقصائية بفوز سهل ذهابًا وإيابًا على فريق نابولي بثلاثة أهداف لهدف، قبل أن يصطدم بالعملاق البافارى بايرن ميونخ في دور الثمانية … بالرغم من تقدم الفريق البافاري على ملعبه بهدف فيدال في مباراة الذهاب، إلا أن رونالدو استطاع قلب الطاولة على أصحاب الأرض بتسجيله هدفين ليبدو وكأن التأهل للمربع الذهبي حُسم في مباراة الذهاب … حاول الألمان أن يتماسكوا في مبارة الإياب؛ فسجل ليفاندوفسكى من ضربة جزاء، قبل أن يتعادل رونالدو بالتخصص؛ ليجعل بطاقة التأهل ملكية، ولكن زميله وقائد فريقه راموس يضيع جهده بإحرازه هدفًا في مرماه .. هدف كان من المفترض أن يُلغى؛ لتسلل ليفاندوفسكي، ولكن احتسابه عوض حرمان الأخير من انفراد كامل بدعوى تسلل خاطىء؛ لتستمر المباراة إلى وقت إضافي يشهد ثلاثة أهداف مدريدية؛ جعلت صاحب الأرض ضلعًا في المربع الذهبي الأوروبي.

أول الأهداف الثلاثة وثانيهما كانا من تسللين واضحين .. تأهل الملكي إذن، ولكن الأمر لم يخل من استفادة من أخطاء تحكيمية؛ ليلاقي غريمًا مدريديًا للعام الرابع على التوالي … وعلى غير المتوقع لم يلتزم أتليتكو مدريد في مباراة الذهاب بتكتلاته الدفاعية المعتادة، خاصة وأنه كان يلعب خارج أرضه؛ فاستقبلت شباكه هاتريك رونالدو؛ ليصعب المهمة على نفسه كثيرًا في لقاء الإياب، وهو ما حدث، بالرغم من تقدمه بهدفين مبكرين في الشوط الأول، إلا أن هدف إيسكو قبيل نهاية الشوط الأول قضى على آمال فريق أتليتكو … فوز أوروبى رابع متتال بالتخصص على غريم العاصمة كان كفيلًا بحجز تذكرة الذهاب إلى كارديف.

كما كانت بداية ريال مدريد سهلة فى الأدوار الإقصائية كذلك كانت بداية فريق اليوفنتوس … حيث لم يجد الأخير صعوبة في الفوز ذهابًا وإيابًا على فريق بورتو البرتغالي؛ ليجد نفسه وجهًا لوجه أمام حواة الكاتالان … فريق برشلونة هذا الموسم لم يكن في أفضل حالاته .. صحيح أن الفريق أخذ دفعة معنوية هائلة بعد عودته في الريمونتادا التاريخية أمام باريس سان جيرمان، إلا أن فريق برشلونة 2017 لم يكن أبدًا بوهج وتألق فريق برشلونة 2015 الذي لاقاه اليوفنتوس منذ عامين … لذا فإن استثنائية الحدث – وما تخلله من أخطاء تحكيمية استفاد منها الكاتالان – لم تكن مقياسًا حقيقيًا لقوة المنافس البرشلوني.
استطاع كبير تورينو أن يقدم على أرضه مباراة هجومية كبيرة؛ ليحقق انتصارًا ثلاثيًا كبيرًا كان بطله الموهوب ديبالا الذي أحرز أول أهداف الثلاثية؛ ليطير بعدها إلى الكامب نو لإنجاز مهمة محددة .. الحفاظ على نظافة شباك بوفون … كان متوقعًا أن يجد لاعبو برشلونة صعوبة في اختراق تكتلات أسياد الدفاع الأسمنتية .. وهو ما حدث حرفيًا .. أمواج هجومية برشلونية متتابعة تصطدم بصخور إيطالية جامدة قاسية حتى بدا المشهد وكأن المباراة لو استمرت ثلاث ساعات لما تغير من الأمر شيء … نستطيع أن نقول إن شخصية البطل بدت واضحة بعد هاتين المباراتين … فريق لديه حارس أسطورى فذ خلف دفاع حديدى أمامهم هجوم يجيد الاقتناص من أنصاف الفرص … كما أن الفريق عند فقدان الكرة لديه مقدرة هائلة على تطبيق ضغط مزعج للخصم متنوع ما بين ضغط في ملعب المنافس، وضغط في نصف ملعبه، ناهيك عن التكتل المنضبط وقت الحاجة.

بعد تخطي عقبة برشلونة امتطت السيدة العجوز صهوة الجواد الأسود في هذه البطولة … استطاع نجوم البيانكو نيرى أن ينهوا مغامرة أبناء الإمارة الفرنسية الصغيرة وسط الكبار .. أجهض اليوفنتوس الحلم الفرنسى قبل أن يولد بفوز نظيف في موناكو قوامه هدفان أحرزهما القناص هيجواين من صناعة أفضل ظهير أيمن في العالم داني ألفيس؛ ليحتفل بعدها الفريق الإيطالى وسط أنصاره بالتأهل إلى نهائى البطولة في مباراة الإياب التي أنهاها بهدفين مقابل هدف حفظ ماء الوجه الفرنسي.

لو نظرنا إلى تاريخ الفريقين في البطولات السابقة، فالبون شاسع بين الفريقين … فبينما احتفل الفريق الملكي: ملك هذه البطولة المتوج ببطولته الحادية عشرة العام الماضي، نجد أن خزانة السيدة العجوز لا تحتوى إلا على لقبين اثنين.

لكن لو نحينا التاريخ وأرقامه جانبًا؛ فسنجد أن الحاضر يشهد تقاربًا واضحًا … كلاهما حصد اللقب المحلى هذا الموسم بما يمثله من دفعة معنوية كبيرة وحافز مشجع كبير لحصد الثنائية الغالية .. اللقب المحلي والكأس الأوروبية .. بل إن اليوفنتوس أمامه فرصة تاريخية لتحقيق ثلاثية قارية، وربما سداسية عالمية لأول مرة في تاريخه … وإن كان تحقيق اللقب المحلي لا يعد فألًا حسنًا للفريقين، خاصة فريق اليوفنتوس.

فريق العاصمة الإسبانية لم يستطع أن يجمع بين لقب الدورى واللقب الأوروبي في السنوات العشرين الأخيرة … فعلها مرتين قديمًا عامي 1957 و1958 … أما سيدة إيطاليا العجوز، فكأنها تُخير دائمًا ما بين السيطرة المحلية والمجد الأوروبي … فحين توج اليوفنتوس بطلًا لأوروبا عامي 1985 و1996 كان تتويجه عوضًا لجماهيره عن لقب محلي ضائع … بل الاكثر من ذلك أنه خاض خمسة نهائيات أوروبية أعوام 1973 و1997 و1998 و2003 و2015 كبطل محلي خسرها جميعًا.

نهائي كارديف سيكون بين فريق يريد أن يؤكد سطوته الكاملة على البطولة الأوروبية الأغلى والأقوى، وآخر يريد أن يحقق لقبًا أوروبيًا طال انتظاره، ويتمنع عليه كثيرًا في السنوات الماضية.

The post نهائي كارديف.. نهائي السطوة والتمنع appeared first on ساسة بوست.



لتضمن أن تصلك جديد مقالات ثقفني اون لاين عليك القيام بثلاث خطوات : قم بالإشتراك فى صفحتنا فى الفيس بوك "ثقفني اون لاين " . قم بالإشتراك فى القائمة البريدية أسفل الموقع وسيتم إرسال إيميل لك فور نشر درس جديد . للحصول على الدروس فيديو قم بالإشتراك فى قناتنا على اليوتيوب "قناة تقنية اون لاين " . من فضلك إذا كان عندك سؤال مهما كان بسيطاً تفضل بكتابته من خلال صندوق التعليقات أسفل الموضوع . قم بنشر مقالات ثقفني اون لاين على الفيس بوك أو ضع رابطاً للمدونه فى مدونتك .تحياتى لكم لك from ساسة بوست